الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ فَأَرْسَلَ فِرْعَونُ فِي ٱلْمَدَآئِنِ حَاشِرِينَ } * { إِنَّ هَـٰؤُلاۤءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ } * { وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَآئِظُونَ } * { وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ } * { فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِّن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } * { وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ } * { كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } * { فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ } * { فَلَمَّا تَرَاءَى ٱلْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ } * { قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ } * { فَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ ٱضْرِب بِّعَصَاكَ ٱلْبَحْرَ فَٱنفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَٱلطَّوْدِ ٱلْعَظِيمِ } * { وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ ٱلآخَرِينَ } * { وَأَنجَيْنَا مُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ }

حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسبـاط، عن السديّ، فـي قوله { إنَّ هَؤُلاَءِ لَشِرْذَمَةٌ قَلِـيـلُونَ } يعنـي بنـي إسرائيـل. حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: ثنا الـحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد فـي قوله { إنَّ هَؤُلاَءِ لَشِرْذَمَةٌ قَلِـيـلُونَ } قال: هم يومئذ ستّ مئة ألف، ولا يحصى عدد أصحاب فرعون. حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جُرَيج، قولهوأوْحَيْنا إلـى مُوسَى أنْ أسْرِ بعِبـادِي إنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ } قال: أوحى الله إلـى موسى أن اجمع بنـي إسرائيـل، كلّ أربعة أبـيات فـي بـيت، ثم اذبحوا أولاد الضأن، فـاضربوا بدمائها علـى الأبواب، فإنـي سآمر الـملائكة أن لا تدخـل بـيتاً علـى بـابه دم، وسآمرهم بقتل أبكار آل فرعون من أنفسهم وأموالهم، ثم اخبزوا خبزاً فطيرا، فإنه أسرع لكم، ثم أسر بعبـادي حتـى تنتهي للبحر، فـيأتـيك أمري، ففعل فلـما أصبحوا قال فرعون: هذا عمل موسى وقومه قتلوا أبكارنا من أنفسنا وأموالنا، فأرسل فـي أثرهم ألف ألف وخمس مئة ألف وخمس مئة ملك مُسَوَّر، مع كل ملك ألف رجل، وخرج فرعون فـي الكَرِش العظمى، وقال { إنَّ هَؤُلاَءِ لَشِرْذَمَةٌ قَلِـيـلُونَ } قال: قطعة، وكانوا ستّ مئة ألف، مئتا ألف منهم أبناء عشرين سنة إلـى أربعين. قال: ثنـي حجاج، عن أبـي بكر بن حوشب، عن ابن عبـاس، قال: كان مع فرعون يومئذ ألف جبـار، كلهم علـيه تاج، وكلهم أمير علـى خيـل. قال: ثنـي حجاج، عن ابن جُرَيج، قال: كانوا ثلاثـين ملكاً ساقة خـلف فرعون يحسبون أنهم معهم وجبرائيـل أمامهم، يردّ أوائل الـخيـل علـى أواخرها، فأتبعهم حتـى انتهى إلـى البحر. وقوله: { وإنَّهُمْ لَنا لَغائِظُونَ } يقول: وإن هؤلاء الشرذمة لنا لغائظون، فذكر أن غيظهم إياهم كان قتل الـملائكة من قتلت من أبكارهم. ذكر من قال ذلك: حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جُرَيج، قوله: { وإنَّهُمْ لَنا لَغائِظُونَ } يقول: بقتلهم أبكارنا من أنفسنا وأموالنا. وقد يحتـمل أن يكون معناه: وإنهم لنا لغائظون بذهابهم منهم بـالعواريّ التـي كانوا استعاروها منهم من الـحلـيّ، ويحتـمل أن يكون ذلك بفراقهم إياهم، وخروجهم من أرضهم بكره لهم لذلك. وقوله { وَإنَّا لَـجِمِيعٌ حاذِرونَ } اختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الكوفة { وَإنَّا لَـجِمِيعٌ حاذِرونَ } بـمعنى: أنهم معدون مؤدون ذوو أداة وقوّة وسلاح. وقرأ ذلك عامة قرّاء الـمدينة والبصرة: «وَإنَّا لَـجَمِيعٌ حَذِرُونَ» بغير ألف. وكان الفرّاء يقول: كأن الـحاذر الذي يحذرك الآن، وكأن الـحذر الـمخـلوق حذرا لا تلقاه إلا حذرا ومن الـحذر قول ابن أحمر:
هَلْ أُنْسَأَنْ يَوْما إلـى غَيْرِهِ   إنّـي حَوَالِـيٌّ وآنّـي حَذِرْ
والصواب من القول فـي ذلك أنهما قراءتان مستفـيضتان فـي قرّاء الأمصار متقاربتا الـمعنى، فبأيتهما قرأ القارىء، فمصيب الصواب فـيه.

PreviousNext
1 3