وقال مقاتل بن حيان { وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ ٱلطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا } أمتك في أصلاب آبائهم أن يؤمنوا بك إذا بعثت. وقال قتادة { وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ ٱلطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا } موسى وهذا ــــ والله أعلم ــــ أشبه بقوله تعالى { وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ ٱلْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَى ٱلأَمْرَ وَمَا كنتَ مِنَ ٱلشَّـٰهِدِينَ } ثم أخبر ههنا بصيغة أخرى أخص من ذلك، وهو النداء كما قال تعالى{ وَإِذْ نَادَىٰ رَبُّكَ مُوسَىٰ } الشعراء 10 وقال تعالى{ إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِٱلْوَادِ ٱلْمُقَدَّسِ طُوًى } النازعات 16 وقال تعالى{ وَنَـٰدَيْنَـٰهُ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ ٱلأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً } مريم 52. وقوله تعالى { وَلَـٰكِن رَّحْمَةً مِّن رَّبِّكَ } أي ما كنت مشاهداً لشيء من ذلك، ولكن الله تعالى أوحاه إليك، وأخبرك به رحمة منه بك وبالعباد، وبإرسالك إليهم { لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أَتَـٰهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } أي لعلهم يهتدون بما جئتهم به من الله عز وجل { وَلَوْلاۤ أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُواْ رَبَّنَا لَوْلاۤ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً } الآية، أي وأرسلناك إليهم لتقيم عليهم الحجة، ولينقطع عذرهم إذا جاءهم عذاب من الله بكفرهم، فيحتجوا بأنهم لم يأتهم رسول ولا نذير كما قال تعالى بعد ذكره إنزال كتابه المبارك، وهو القرآن{ أَن تَقُولُوۤاْ إِنَّمَآ أُنزِلَ ٱلْكِتَـٰبُ عَلَىٰ طَآئِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا وَإِن كُنَّا عَن دِرَاسَتِهِمْ لَغَـٰفِلِينَ أَوْ تَقُولُواْ لَوْ أَنَّآ أُنزِلَ عَلَيْنَا ٱلْكِتَابُ لَكُنَّآ أَهْدَىٰ مِنْهُمْ فَقَدْ جَآءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ } الأنعام 156 ــــ 157 وقال تعالى{ رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى ٱللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ ٱلرُّسُلِ } النساء 165 وقال تعالى{ يَٰ أَهْلَ ٱلْكِتَابِ قَدْ جَآءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَىٰ فَتْرَةٍ مَّنَ ٱلرُّسُلِ أَن تَقُولُواْ مَا جَآءَنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } المائدة 19 الآية، والآيات في هذا كثيرة.