الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ ٱلنُّجُومِ } * { وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ } * { إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ } * { فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ } * { لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ ٱلْمُطَهَّرُونَ } * { تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { أَفَبِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ أَنتُمْ مُّدْهِنُونَ } * { وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ }

قال جويبر عن الضحاك إن الله تعالى لا يقسم بشيء من خلقه، ولكنه استفتاح يستفتح به كلامه، وهذا القول ضعيف، والذي عليه الجمهور أنه قسم من الله، يقسم بما شاء من خلقه، وهو دليل على عظمته، ثم قال بعض المفسرين لا ههنا زائدة، وتقديره أقسم بمواقع النجوم، ورواه ابن جرير عن سعيد بن جبير، ويكون جوابه { إِنَّهُ لَقُرْءَانٌ كَرِيمٌ } وقال آخرون ليست لا زائدة لا معنى لها، بل يؤتى بها في أول القسم إذا كان مقسماً به على منفي كقول عائشة رضي الله عنها لا والله ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط، وهكذا ههنا تقدير الكلام لا أقسم بمواقع النجوم، ليس الأمر كما زعمتم في القرآن أنه سحر أوكهانة، بل هو قرآن كريم. وقال ابن جرير وقال بعض أهل العربية معنى قوله { فَلاَ أُقْسِمُ } فليس الأمر كما تقولون، ثم استأنف القسم بعد ذلك، فقيل أقسم. واختلفوا في معنى قوله { بِمَوَٰقِعِ ٱلنُّجُومِ } فقال حكيم بن جبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس يعني نجوم القرآن فإنه نزل جملة ليلة القدر من السماء العليا إلى السماء الدنيا، ثم نزل مفرقاً في السنين بعد. ثم قرأ ابن عباس هذه الآية، وقال الضحاك عن ابن عباس نزل القرآن جملة من عند الله من اللوح المحفوظ إلى السفرة الكرام الكاتبين في السماء الدنيا، فنجمته السفرة على جبريل عشرين ليلة، ونجمه جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم عشرين سنة، فهو قوله { فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَٰقِعِ ٱلنُّجُومِ } نجوم القرآن، وكذا قال عكرمة ومجاهد والسدي وأبو حزرة، وقال مجاهد أيضاً مواقع النجوم في السماء، ويقال مطالعها ومشارقها. وكذا قال الحسن وقتادة، وهو اختيار ابن جرير، وعن قتادة مواقعها منازلها، وعن الحسن أيضاً أن المراد بذلك انتثارها يوم القيامة. وقال الضحاك { فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَٰقِعِ ٱلنُّجُومِ } يعني بذلك الأنواء التي كان أهل الجاهلية إذا أمطروا قالوا مطرنا بنوء كذا وكذا. وقوله { وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ } أي وإن هذا القسم الذي أقسمت به لقسم عظيم، لو تعلمون عظمته، لعظمتم المقسم به عليه. { إِنَّهُ لَقُرْءَانٌ كَرِيمٌ } أي إن هذا القرآن الذي نزل على محمد لكتاب عظيم { فِى كِتَـٰبٍ مَّكْنُونٍ } أي معظم، في كتاب معظم محفوظ موقر. وقال ابن جرير حدثني إسماعيل بن موسى أخبرنا شريك عن حكيم، هو ابن جبير، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس { لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ ٱلْمُطَهَّرُونَ } قال الكتاب الذي في السماء. وقال العوفي عن ابن عباس { لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ ٱلْمُطَهَّرُونَ } يعني الملائكة، وكذا قال أنس ومجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير والضحاك وأبو الشعثاء جابر بن زيد، وأبو نهيك والسدي وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وغيرهم.

السابقالتالي
2 3 4