الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير المنار / محمد رشيد بن علي رضا (ت 1354هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلْمُحْصَنَٰتُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَٰنُكُمْ كِتَٰبَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَّا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَٰلِكُمْ مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَٰفِحِينَ فَمَا ٱسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَٰضَيْتُمْ بِهِ مِن بَعْدِ ٱلْفَرِيضَةِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً } * { وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ ٱلْمُحْصَنَٰتِ ٱلْمُؤْمِنَٰتِ فَمِنْ مَّا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُكُم مِّن فَتَيَٰتِكُمُ ٱلْمُؤْمِنَٰتِ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَٰنِكُمْ بَعْضُكُمْ مِّن بَعْضٍ فَٱنكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ مُحْصَنَٰتٍ غَيْرَ مُسَٰفِحَٰتٍ وَلاَ مُتَّخِذَٰتِ أَخْدَانٍ فَإِذَآ أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَٰحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى ٱلْمُحْصَنَٰتِ مِنَ ٱلْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ ٱلْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

هذا هو المتبادر من نظم الآية فإنها قد بينت ما يحل من نكاح النساء في مقابلة ما حرم فيما قبلها وفي صدرها وبينت كيفيته وهو أن يكون بمال يعطى للمرأة وبأن يكون الغرض المقصود منه الإحصان دون مجرد التمتع بسفح الماء.

وذهبت الشيعة إلى أن المراد بالآية نكاح المتعة وهو نكاح المرأة إلى أجل معين كيوم أو أسبوع أو شهر مثلاً واستدلوا على ذلك بقراءة شاذّة رويت عن أبيّ وابن مسعود وابن عباس (رضي الله عنهم) وبالأخبار والآثار التي رويت في المتعة.

فأما القراءة فهي شاذّة لم تثبت قرآناً. وقد تقدم إن ما صحت فيه الرواية من مثل هذا آحاداً فالزيادة فيه من قبيل التفسير وهو فهم لصاحبه وفهم الصحابي ليس حجة في الدين لا سيما إذا كان النظم والأسلوب يأباه كما هنا فإن المتمتع بالنكاح الموقت لا يقصد الإحصان دون المسافحة بل يكون قصده الأول المسافحة.

فإن كان هناك نوع ما من إحصان نفسه ومنعها من التنقل في دِمن الزنا فإنه لا يكون فيه شيء ما من إحصان المرأة التي تؤجر نفسها كل طائفة من الزمن لرجل فتكون كما قيل
كرة حذفت بصوالجة   فتلقفها رجل رجل
ثم إنه ينافي ما تقرر في القرآن بمعنى هذا كقوله عز وجل في صفة المؤمنينوَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ٱبْتَغَىٰ وَرَآءَ ذٰلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْعَادُونَ } [المؤمنون: 5-7] أي المتجاوزون ما أحله الله لهم إلى ما حرمه عليهم وهذه الآيات لا تعارض الآية التي نفسرها بل هي بمعناها فلا نسخ والمرأة المتمتع بها ليست زوجة فيكون لها على الرجل مثل الذي له عليها بالمعروف كما قال الله تعالى وقد نقل عن الشيعة أنفسهم أنهم لا يعطونها أحكام الزوجة ولوازمها فلا يعدونها من الأربع اللواتي تحل للرجل أن يجمع بينها مع عدم الخوف من الجور بل يجوزون للرجل أن يتمتع بالكثير من النساء. ولا يقولون برجم الزاني المتمتع إذ لا يعدونه محصناً وذلك قطع منهم بأنه لا يصدق عليه قوله تعالى في المستمتعين { مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَٰفِحِينَ } [النساء: 24] وهذا تناقض صريح منهم، ونقل عنهم بعض المفسرين أن المرأة المتمتع بها ليس لها إرث ولا نفقة ولا طلاق ولا عدة! والحاصل أن القرآن بعيد من هذا القول ولا دليل في هذه الآية ولا شبه دليل عليه ألبتة.

PreviousNext
1 2 3 4 5 6 7 8 10  مزيد