الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ سُبْحَانَ ٱلَّذِي خَلَق ٱلأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ ٱلأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لاَ يَعْلَمُونَ } * { وَآيَةٌ لَّهُمُ ٱلَّيلُ نَسْلَخُ مِنْهُ ٱلنَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ } * { وَٱلشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَـا ذَلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ } * { وَٱلْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَٱلعُرجُونِ ٱلْقَدِيمِ } * { لاَ ٱلشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَآ أَن تدْرِكَ ٱلقَمَرَ وَلاَ ٱلَّيلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ }

وقيل: إنما قال سبحانه { نسلخ منه النهار } لأنه تعالى جعل الليل كالجسم لظلمته وجعل النهار كالقشر ولأن النهار عارض فهو كالكسوة والليل أصل فهو كالجسم وقوله { فإذا هم مظلمون } أي داخلون في الليل لا ضياء لهم فيه. { والشمس تجري لمستقر لها } معناه ودلالة أخرى لهم الشمس وفي قوله { لمستقر لها } أقوال: أحدها: أنها تجري لانتهاء أمرها عند انقضاء الدنيا فلا تزال تجري حتى تنقضي الدنيا عن جماعة من المفسرين. قال أبو مسلم: ومعنى هذا ومعنى لا مستقر لها واحد أي لا قرار لها إلى انقضاء الدنيا. وثانيها: أنها تجري لوقت واحد لا تعدوه ولا يختلف عن قتادة. وثالثها: أنها تجري إلى أقصى منازلها في الشتاء والصيف لا تتجاوزها والمعنى أن لها في الارتفاع غاية لا تتجاوزها ولا تنقطع دونها ولها في الهبوط غاية لا تتجاوزها ولا تقصر عنها فهو مستقرها { ذلك تقدير العزيز } أي القادر الذي لا يعجزه شيء { العليم } الذي لا يخفى عليه شيء { العليم } الذي لا يخفى عليه شيء. { والقمر قدَّرناه منازل } وهي ثمانية وعشرون منزلاً ينزل كل يوم وليلة منزلة منها لا يختلف حاله في ذلك إلى أن يقطع الفلك { حتى عاد كالعرجون القديم } أي عاد في آخر الشهر دقيقاً كالعذق اليابس العتيق ثم يخفى يومين آخر الشهر وإنما شبهه سبحانه بالعذق لأنه إذا مضت عليه الأيام جفَّ وتقوَّس فيكون أشبه الأشياء بالهلال. وقيل: إن العذق يصير كذلك في كل ستة أشهر. روى علي بن إبراهيم بإسناده قال دخل أبو سعيد المكاري وكان واقفياً على أبي الحسن الرضا ع فقال له أبلغ من قدرك أنك تدَّعي ما ادعاه أبوك. فقال له أبو الحسن: ما لك أطفأ الله نورك وأدخل الفقر بيتك أما علمت أن الله عز وجل أوحى إلى عمران أني واهب لك ذكراً يبرىء الأكمه والأبرص فوهب له مريم ووهب لمريم عيسى فعيسى من مريم ومريم من عيسى ومريم وعيسى شيء واحد وأنا من أبي وأبي مني وأنا وأبي شيء واحد فقال له أبو سعيد فأسألك عن مسألة قال سل ولا أخالك تقبل مني ولست من غنمي ولكن هلمها قال ما تقول في رجل قال عند موته كل مملوك لي قديم فهو حرٌّ لوجه الله فقال أبو الحسن: ما ملكه لستة أشهر فهو قديم وهو حرّ قال: وكيف صار كذلك قال لأَن الله تعالى يقول { والقمر قدَّرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم } أسماء الله قديماً ويعود كذلك لستة أشهر قال فخرج أبو سعيد من عنده وذهب بصره وكان يسأل على الأبواب حتى مات. { لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر } في سرعة سيره لأن الشمس أبطأ سيراً من القمر فإنها تقطع منازلها في سنة والقمر يقطعها في شهر والله سبحانه يجريهما إجراء التدوير بايَنَ بين فلكيهما ومجاريهما فلا يمكن أن يدرك أحدهما الآخر ما داما على هذه الصفة { ولا الليل سابق النهار } أي ولا يسبق الليل النهار.

PreviousNext
1 3