الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ تَبَارَكَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ ٱلْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلْمَوْتَ وَٱلْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْغَفُورُ } * { ٱلَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ طِبَاقاً مَّا تَرَىٰ فِي خَلْقِ ٱلرَّحْمَـٰنِ مِن تَفَاوُتٍ فَٱرْجِعِ ٱلْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٍ } * { ثُمَّ ٱرجِعِ ٱلبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ ٱلبَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ } * { وَلَقَدْ زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِمَصَٰبِيحَ وَجَعَلْنَٰهَا رُجُوماً لِّلشَّيَٰطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ ٱلسَّعِيرِ } * { وَلِلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } * { إِذَآ أُلْقُواْ فِيهَا سَمِعُواْ لَهَا شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ } * { تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَآ أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ }

{ (1) تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ } بقبضة قدرته التصرف في الامور كلّها { وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }.

{ (2) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ } القمّي قال قدّرهما ومعناه قدّر الحياة ثمّ الموت.

وفي الكافي عن الباقر عليه السلام انّ الله خلق الحياة قبل الموت.

وعنه عليه السلام الحياة والموت خلقان من خلق الله فاذا جاء الموت فدخل في الانسان لم يدخل في شيء الاّ وقد خرجت منه الحياة { لِيَبْلُوَكُمْ } ليعاملكم معاملة المختبر بالتكليف { أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } وذلك لأنّ الموت داع الى حُسن العمل وموجب لعدم الوثوق بالدنيا ولذّاتها الفانية والحياة يقتدر معها على الاعمال الصالحة الخاصة.

في المجمع عن النبيّ صلّى الله عليه وآله انّ سئل عن قوله أَيُّكم أَحْسَنُ عَمَلاً ما عني به فقال يقول ايّكم احسن عقلاً ثمّ قال اتمّكم عقلاً واشدّكم لله خوفاً واحسنكم فيما امر الله به ونهى عنه نظراً وان كانوا اقلّكم تطوّعاً وفي رواية ايّكم احسن عقلاً واورع عن محارم الله واسرع في طاعة الله.

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام ليس يعني اكثر عملاً ولكن اصوبكم عملاً وانّما الاصابة خشية الله والنيّة الصادقة ثمّ قال الابقاء على العمل حتّى يخلص اشدّ من العمل والعمل الخالص الذي لا تريد ان يحمدك عليه احد الاّ الله عزّ وجلّ والنيّة افضل من العمل الا وانّ النيّة هو العمل ثمّ تلا قوله عزّ وجلّ قل كلّ يعمل على شاكلته يعني نيّته.

أقولُ: لعلّ المراد بالابقاء على العمل ان لا يحدّث به ارادة الحمد من الناس حتّى يبقى خالصاً لله ولا يخفى انّه اشدّ من العمل { وَهُوَ الْعَزِيزُ } الغالب الذي لا يعجزه من اساء العمل { الْغَفُورُ } لمن تاب منهم.

{ (3) الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً } مطابقة.

القمّي عن الباقر عليه السلام بعضها فوق بعض { مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ } من اختلاف القمّي قال يعني من فساد وقرىء تفوّت وهو بمعناه { فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ } من خلل قال يعني قد نظرت اليها مراراً فانظر اليها مرّة اخرى متأمّلاً فيها لتعاين ما اخبرت به من تناسبها واستقامتها.

{ (4) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ } اي رجعتين اُخريين في ارتياد الخلل والمراد بالتثنية التكرير والتكثير كما في لبيّك وسعديك والقمّي قال انظر في ملكوت السماوات والأرض { يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئاً } بعيداً عن اصابة المطلوب كانّه طرد عنه طرداً بالصّغار { وَهُوَ حَسِيرٌ } كليل من طول المعاودة وكثرة المراجعة.

{ (5) وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيا } اقرب السماوات الى الأرض { بِمَصَابِيحَ } القمّي قال بالنجوم { وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِلشَّياطِينِ } ترجم بها جمع رجم بالفتح بمعنى ما يرجم به قيل اريد به انقضاض الشّهب المسبّبة عنها وقيل اي رجوماً وظنوناً لشياطين الانس وهم المنجمون { وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ } في الآخرة بعد الاحراق بالشّهب في الدنيا.

{ (6) وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ } من الشياطين وغيرهم { عَذابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ }.

{ (7) إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَها شَهِيقاً } صوتاً كصوت الحمير { وَهِيَ تَفُورُ } تغلي بهم غليان المرجان بما فيه.

{ (8) تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ } تتفرّق غضباً عليهم وهو تمثيل لشدّة اشتعالها.

القمّي قال من الغيظ على اعداء الله { كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ } جماعة منهم { سأَلَهُم خَزَنَتُها أَلَمْ يَأَتِكُمْ نَذِيرٌ } يخوّفكم هذا العذاب وهو توبيخ وتبكيت.