الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ نۤ وَٱلْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ } * { مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ } * { وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ } * { وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ } * { فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ } * { بِأَييِّكُمُ ٱلْمَفْتُونُ } * { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ } * { فَلاَ تُطِعِ ٱلْمُكَذِّبِينَ } * { وَدُّواْ لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ } * { وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ } * { هَمَّازٍ مَّشَّآءٍ بِنَمِيمٍ } * { مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ } * { عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ } * { أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ } * { إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } * { سَنَسِمُهُ عَلَى ٱلْخُرْطُومِ }

قوله { ن } قرأ أبو بكر، وورش، وابن عامر، والكسائي، وابن محيصن، وابن هبيرة بإدغام النون الثانية من هجائها في الواو، وقرأ الباقون بالإظهار، وقرأ أبو عمرو، وعيسى بن عمر بالفتح على إضمار فعل. وقرأ ابن عامر، ونصر، وابن إسحاق بكسرها على إضمار القسم، أو لأجل التقاء الساكنين، وقرأ محمد بن السميفع وهارون بضمها على البناء. قال مجاهد، ومقاتل، والسديّ هو الحوت الذي يحمل الأرض، وبه قال مرّة الهمذاني، وعطاء الخراساني، والكلبي. وقيل إن نون آخر حرف من حروف الرحمٰن. وقال ابن زيد هو قسم أقسم الله به. وقال ابن كيسان هو فاتحة السورة. وقال عطاء، وأبو العالية هي النون من نصر وناصر. قال محمد بن كعب أقسم الله تعالى بنصره المؤمنين، وقيل هو حرف من حروف الهجاء، كالفواتح الواقعة في أوائل السور المفتتحة بذلك، وقد عرّفناك ما هو الحق في مثل هذه الفواتح في أوّل سورة البقرة، والواو في قوله { وَٱلْقَلَمِ } واو القسم، أقسم الله بالقلم لما فيه من البيان، وهو واقع على كل قلم يكتب به. وقال جماعة من المفسرين المراد به القلم الذي كتب به اللوح المحفوظ، أقسم الله به تعظيماً له. قال قتادة القلم من نعمة الله على عباده { وَمَا يَسْطُرُونَ } " ما " موصولة أي والذي يسطرون، والضمير عائد إلى أصحاب القلم المدلول عليهم بذكره لأن ذكر آلة الكتابة تدلّ على الكاتب. والمعنى والذي يسطرون أي يكتبون كل ما يكتب، أو الحفظة على ما تقدّم. ويجوز أن تكون «ما» مصدرية، أي وسطرهم. وقيل الضمير راجع إلى القلم خاصة من باب إسناد الفعل إلى الآلة، وإجرائها مجرى العقلاء، وجواب القسم قوله { مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبّكَ بِمَجْنُونٍ } " ما " نافية، وأنت اسمها، وبمجنون خبرها. قال الزجاج أنت هو اسم ما، وبمجنون خبرها، وقوله { بِنِعْمَةِ رَبّكَ } كلام وقع في الوسط أي انتفى عنك الجنون بنعمة ربك، كما يقال أنت بحمد الله عاقل، قيل الباء متعلقة بمضمر هو حال، كأنه قيل أنت بريء من الجنون ملتبساً بنعمة الله التي هي النبوة والرياسة العامة. وقيل الباء للقسم أي وما أنت ونعمة ربك بمجنون. وقيل النعمة هنا الرحمة، والآية رد على الكفار حيث قالوايأَيُّهَا ٱلَّذِى نُزّلَ عَلَيْهِ ٱلذّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ } الحجر 6. { وَإِنَّ لَكَ لأجْراً } أي ثواباً على ما تحملت من أثقال النبوّة، وقاسيت من أنواع الشدائد غَيْرُ مَمْنُونٍ أي غير مقطوع، يقال مننت الحبل إذا قطعته. وقال مجاهد غَيْرُ مَمْنُونٍ غير محسوب، وقال الحسن غَيْرُ مَمْنُونٍ } غير مكدّر بالمنّ. وقال الضحاك أجراً بغير عمل. وقيل غير مقدّر وقيل غير ممنون به عليك من جهة الناس.

السابقالتالي
2 3 4 5 6