الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

قوله تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ } فيه خمس مسائل: الأولى ـ: قوله تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ } ثبت في صحيح مسلم " عن عائشة رضي الله عنها: أن النبيّ صلى الله عليه وسلم، كان يمكث عند زينب بنت جَحْش فيشرب عندها عَسَلاً قالت: فتواطأتُ أنا وحفصة أنّ أيَّتَنَا ما دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلتقل: إني أجد منك رِيح مَغَافِير! أَكَلْتَ مَغَافِير؟ فدخل على إحداهما فقالت له ذلك. فقال:«بل شربت عسلاً عند زينب بنت جحش ولن أعود له» " فنزل: { لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ } ـ إلى قوله ـ { إِن تَتُوبَآ } لعائشة وحفصة، { وَإِذَ أَسَرَّ ٱلنَّبِيُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً } لقوله: " «بل شربتُ عسلاً». وعنها أيضاً قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الحَلْواء والعسل، فكان إذا صلّى العصر دار على نسائه فيَدْنُو منهنّ فدخل على حفصة فاحتبس عندها أكثر مما كان يحتبِس فسألتُ عن ذلك فقيل لي: أهدت لها امرأةٌ من قومها عُكّةً من عسل، فسقت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم منه شَرْبَةً. فقلت: أمَا والله لَنَحْتَالَنَّ له، فذكرت ذلك لسَوْدةَ وقلت: إذا دخل عليكِ فإنه سَيَدْنُو منكِ فقولي له: يا رسول الله، أكَلْتَ مَغَافِير؟ فإنه سيقول لكِ لا. فقولي له: ما هذه الريح؟ ـ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشتدّ عليه أن يوجد منه الريح ـ فإنه سيقول لكِ سَقَتْني حَفْصَةُ شربةَ عسلٍ. فقولي له: جَرَسَتْ نَحلُه العُرْفُطَ. وسأقول ذلك له، وقوليه أنتِ يا صفِيّة. فلما دخل على سَوْدَةَ ـ قالت: تقول سَوْدَةَ والله الذي لا إلٰه إلا هو لقد كِدْتُ أن أبادِئه بالذي قلتِ لي، وإنه لعلى الباب، فَرَقاً منك. فلما دنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: يا رسول الله، أكَلْتَ مَغَافِيرَ؟ قال: «لا» قالت: فما هذه الريح؟ قال: «سَقَتني حَفْصَةُ شَرْبَةَ عسلٍ» قالت: جَرَسَتْ نَحْلُه الْعُرْفُطَ. فلما دخل عليّ قلت له مثل ذلك. ثم دخل على صَفِيّة فقالت بمثل ذلك. فلما دخل على حَفْصَة قالت: يا رسول الله، ألا أسقيك منه. قال «لا حاجة لي به»قالت: تقول سَوْدَة سبحان الله! والله لقد حَرَمناه. قالت: قلت لها اسكتي " ففي هذه الرواية أن التي شرب عندها العسل حفصة. وفي الأولى زينب. وروى ابن أبي مليكة عن ابن عباس أنه شربه عند سودة. وقد قيل: إنما هي أمّ سلمة رواه أسباط عن السّديّ. وقاله عطاء بن أبي مسلم. ابن العربي: وهذا كله جهل أو تصوّر بغير علم. فقال باقي نسائه حَسَداً وغَيْرَةً لمن شرب ذلك عندها: إنا لنجد منك ريح المغافير.

السابقالتالي
2 3 4 5 6