الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ٱلْحَمْدُ للَّهِ فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ جَاعِلِ ٱلْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً أُوْلِيۤ أَجْنِحَةٍ مَّثْنَىٰ وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي ٱلْخَلْقِ مَا يَشَآءُ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { مَّا يَفْتَحِ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ ٱللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ }

شرح الكلمات:

الحمد لله: أي قولوا الحمد لله فإنه واجب الحمد ومقتضى الحمد ما ذكر بعد.

فاطر السماوات والأرض: أي خالقهما على غير مثال سابق.

جاعل الملائكة رسلا: أي جعل منهم رسلا إلى الأنبياء كجبريل عليه السلام.

أولي أجنحة: أي ذوي أجنحة جمع جناح كجناح الطائر.

يزيد في الخلق ما يشاء: أي يزيد على الثلاثة ما يشاء فإن لجبريل ستمائة جناح.

وما يمسك: أي الله من الرحمة فلا أحد يرسلها غيره سبحانه وتعالى.

وهو العزيز الحكيم: أي الغالب على أمره الحكيم في تدبيره وصنعه.

اذكروا نعمة الله عليكم: أي اذكروا نعمه تعالى عليكم في خلقكم ورزقكم وتأمينكم في حرمكم.

هل من خالق غير الله يرزقكم: أي لا خالق لكم غير الله ولا رازق لكم يرزقكم.

من السماء والأرض؟: أي بإِنزال المطر من السماء وإنبات الزروع في الأرض.

لا إله إلا هو: أي لا معبود بحق إلا هو إذاً فاعبدوه ووحدوه.

فأنى تؤفكون: أي كيف تصرفون عن توحيده مع اعترافكم بأنه وحده الخالق الرازق.

معنى الآيات:

قوله تعالى { ٱلْحَمْدُ للَّهِ فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي الشكر الكامل والحمد التام لله استحقاقاً، والكلام خَرَجَ مَخْرج الخبر ومعناه الإِنشاء أي قولوا الحمد لله. واشكروه كما هو أيضاً إخبار منه تعالى بأن الحمد له ولا مستحقه غيره ومقتضى حمده. فطره السماوات والأرض أي خلقه لهما على غير مثال سابق ولا نموذج حاكاه في خلقهما. وجعله الملائكة رسلاً إلى الأنبياء وإلى من يشاء من عباده بالإِلهام والرؤيا الصالحة. وقوله { أُوْلِيۤ أَجْنِحَةٍ } صفة للملائكة أي أصحاب أجنحة مثنى أي اثنين اثنين، وثلاث أي ثلاثة ثلاثة ورباع أي أربعة أربعة. وقوله { يَزِيدُ فِي ٱلْخَلْقِ } أي خلق الأجنحة ما يشاء فقد خلق لجبريل عليه السلام ستمائة جناح كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحاح ويزيد في خلق ما يشاء من مخلوقاته وهو على كل شيء قدير.

وقوله تعالى { مَّا يَفْتَحِ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا } يخبر تعالى أن مفاتيح كل شيء بيده فما يفتحُ للناس من أرزاق وخيرات وبركات لا يمكن لأحد من خلقه أن يمسكها دونه وما يمسك من ذلك فلا يستطيع أحد من خلقه أن يرسله، وهو وحده العزيز الغالب على أمره ومراده فلا مانع لما أعطى ولا راد لما قضى الحكيم في صنعه وتدبير خلقه. وقوله تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ } هذا نداؤه تعالى لأهل مكة من قريش يأمرهم بعده بأن يذكروا نعمه تعالى عليهم حيث خلقهم ووسع أرزاقهم وجعل لهم حرماً آمناً والناس يتخطفون من حولهم خائفون يأمرهم بذكر نعمه لأنهم إذا ذكروها شكروها بالإِيمان به وتوحيده.

السابقالتالي
2