قوله تعالى: { هُوَ ٱلَّذِي بَعَثَ فِي ٱلأُمِّيِّينَ } يعني: العرب { رَسُولاً مِّنْهُمْ } أي: من الأُمِّيين لا يكتب ولا يقرأ. وقيل: رسولاً من أنفسهم. وقد سبق هذا المعنى. وما لم أذكره [ظاهر أو مفسر] إلى قوله: { وَآخَرِينَ } وهو مجرور عطفٌ على " الأمِّيين " ، على معنى: بَعَثَه في الأميين، وفي آخرين منهم. قال الزجاج: ويجوز أن يكون " وآخرين " في موضع نصب، على معنى: يُعلّمهم الكتاب والحكمة ويُعلّم آخرين منهم. قال ابن عمر وسعيد بن جبير: هم العجم. فعلى هذا؛ معنى قوله: " منهم ": أنهم مسلمون، فإن المسلمين يد واحدة على من سواهم، وإن اختلفت أنواعهم. قال ابن زيد: " وآخرين منهم " هم الذين يدخلون في الإسلام إلى يوم القيامة. والقولان عن مجاهد. وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة قال: " كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم فأنزلت عليه سورة الجمعة: { وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُواْ بِهِمْ } قال قائل: منْ هُمْ يا رسول الله؟ -وفينا سلمان الفارسي-، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على سلمان فقال: لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال من هؤلاء ". وفي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " رأيتُني يتبعني غنم سود، ثم تبعها غنم عُفْر، أوِّلْها يا أبا بكر. قال: أما السود فالعرب، وأما العُفْر فالعجم تتبعك بعد العرب، قال: كذلك عبّرها الملك سحر ". قوله تعالى: { لَمَّا يَلْحَقُواْ بِهِمْ } أي: لم يلحقوا بهم بعد، أو لم يلحقوا بهم في الفضيلة والسبق؛ لأن التابعين إلى يوم القيامة لم يدركوا فضل الصحابة رضي الله عنهم أجمعين. قوله تعالى: { ذَلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ } إشارة إلى النبوة التي خص الله تعالى بها رسوله صلى الله عليه وسلم، في قول مقاتل. وقال ابن السائب: " ذلك " إشارة إلى الإسلام، { ذَلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ يؤتيه يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ }.