الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ ٱلْفِيلِ } * { أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ } * { وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ } * { تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ } * { فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ }

بيان فيها إشارة إلى قصة أصحاب الفيل إذ قصدوا مكة لتخريب الكعبة المعظمة فأهلكهم الله بإرسال طير أبابيل ترميهم بحجارة من سجِّيل فجعلهم كعصف مأكول، وهي من آيات الله الجلية التي لا سترة عليها، وقد أرَّخو بها وذكرها الجاهليون في أشعارهم، والسورة مكية. قوله تعالى { ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل } المراد بالرؤية العلم الظاهر ظهور الحس، والاستفهام إنكاري، والمعنى ألم تعلم كيف فعل ربك بأصحاب الفيل، وقد كانت الواقعة عام ولد فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم. قوله تعالى { ألم يجعل كيدهم في تضليل } المراد بكيدهم سوء قصدهم بمكة وإرادتهم تخريب البيت الحرام، والتضليل والإِضلال واحد، وجعل كيدهم في تضليل جعل سعيهم ضالاً لا يهتدي إلى الغاية المقصودة منه فقد ساروا لتخريب الكعبة وانتهى بهم إلى هلاك أنفسهم. قوله تعالى { وأرسل عليهم طيراً أبابيل } الأبابيل - كما قيل - جماعات في تفرقة زمرة زمرة، والمعنى وأرسل الله على أصحاب الفيل جماعات متفرقة من الطير والآية والتي تتلوها عطف تفسير على قوله { ألم يجعل كيدهم في تضليل }. قوله تعالى { ترميهم بحجارة من سجيل } أي ترمي أبابيل الطير أصحاب الفيل بحجارة من سجِّيل، وقد تقدم معنى السجِّيل في تفسير قصص قوم لوط. قوله تعالى { فجعلهم كعصف مأكول } العصف ورق الزرع والعصف المأكول ورق الزرع الذي أُكل حبه أو قشر الحب الذي أُكل لبه والمراد أنهم عادوا بعد وقوع السجيل عليهم أجساداً بلا أرواح أو أن الحجر بحرارته أحرق أجوافهم، وقيل المراد ورق الزرع الذي وقع فيها الأكال وهو أن يأكله الدود فيفسده وفسّرت الآية ببعض وجوه أُخر لا يناسب الأدب القرآني. بحث روائي في المجمع أجمعت الرواة على أن ملك اليمن الذي قصد هدم الكعبة هو أبرهة بن الصباح الأشرم وقيل إن كنيته أبو يكسوم ونقل عن الواقدي أنه جد النجاشي الذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. ثم ساق الكلام في قصة استيلائه على ملك اليمن إلى أن قال ثم إنه بنى كعبة باليمن وجعل فيها قباباً من ذهب فأمر أهل مملكته بالحج إليها يضاهي بذلك البيت الحرام، وإن رجلاً من بني كنانة خرج حتى قدم اليمن فنظر إليها ثم قعد فيها يعني لحاجة الإِنسان فدخلها أبرهة فوجد تلك العذرة فيها فقال من اجترأ عليَّ بهذا؟ ونصرانيتي لأهدمنَّ ذلك البيت حتى لا يحجُّه حاج أبداً ودعا بالفيل وأذَّن قومه بالخروج ومن اتبعه من أهل اليمن، وكان أكثر من اتبعه منهم عكّ والأشعرون وخثعم. قال ثم خرج يسير حتى إذا كان ببعض طريقه بعث رجلاً من بني سليم ليدعو الناس إلى حج بيته الذي بناه فتلقاه أيضاً رجل من الحمس من بني كنانة فقتله فازداد بذلك حنقاً وحث السير والانطلاق.

السابقالتالي
2