الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ ٱلْفِيلِ }

بسم الله الرحمن الرحيم { أَلَمْ تَرَ } يا محمد لما شهد أثار القصة وتواترت عنده أخبارها جعله كأنه رأها فأنكر عليه عدم الرؤية بالهمزة أو قرره بها أو عجبه بها أو المعنى ألم تعلم. * { كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الفِيلِ } عدى الرؤية إى جملة فعل ربك معلقة بالإستفهام ولم يعدها إلى ما أي ألم تر ما فعل ربك بهم لأن المراد تذكير ما فيها من وجوه الدلالة على كمال علم الله عز وجل وقدرته وعزة نبيه وشرفه كأنه قيل ألم تر كيف فعل ربك بأعدائك وأنت لم تظهر في الدنيا فإنه يفعل بأعدائك من الإهلاك وذلك أن ملك الحبشة النجاشي وكل ملك لهم يسمى النجاشي بعث أرياط إلى اليمن فغلب عليها فقام حبشي يقال له أبرهة بن الصباح بن كيسوم فساخط أرياط في أمر الحبشة فكانت طائفة معه وطائفة مع أرياط وتقاتلوا وقتل أبرهة أرياط واجتمعت له الحبشة وأقره النجاشي ثم رأى أبرهة الناس يتجهزون أيام الموسم إلى مكة لحج بيت الله عز وجل فبنى كنيسة بصنعاء وكتب إلى النجاشي إني بنيت لك بصنعاء كنيسة لم يبن لملك مثلها ولست منتهيا حتى أصرف اليها حج العرب فسمع به مالك بن كنانة من قريش فدخلها وتغوط بها ليلا ولطخ بالغذرة قبلتها فبلغ ذلك أبرهة فقال من فعل ذلك فقيل رجل من العرب من أهل ذلك البيت فحلف ليسيرن إلى الكعبة فيهدمها فكتب إلى النجاش يخبره بذلك وسأله أن يبعث إليه بفيله المسمى محمودا ولم يوجد مثله قط قوة وعظما فبعثه إليه فخرج أبرهة بالحبشة سائرا إلى مكة بالفيل فسمعت العرب بذلك فأعظموه ورأوا جهاده حقا عليهم فخرج إليه ملك من ملوك اليمن يقال له ذونفر بمن أطاعه من قومه فقاتله فهزمه أبرهة وأخذ ذونفر فقال له استبقني فإن بقائي خير لك من قتلي فاستبقاه وأوثقه وكان أبرهة حليما ولما دنا من بلاد خثعم خرج اليه نفيل بن حبيب الخثعمي في خثعم ومن اجتمع اليه من اليمن فهزمهم أبرهة فأخذ نفيلا فقال له إني دليل بأرض العرب وأطيعك أنا وقومي فاستبقني فاستبقاه وخرج معه يدله ومر بالطائف فخرج اليه مسعود بن مغيث في رجال من ثقيف فقال أيها الملك نحن عبيدك لا نخالفك نبعث معك من يدلك فبعثوا معه أبا رغال موالي لهم فخرج فمات في المغمس فقيل هو الذي يرجم قبره وبعث أبرهة رجلا من الحبشية يقال له الأسود ابن مسعود على مقدمة خيله وأمره بالغارة على نعم الناس فجمع أموال الحرم وأصاب مائتي بعير لعبد المطلب ثم أن أبرهة بعث خماط الحمير إلى أهل مكة وقال له سل عن شريفها وقل له إني لم أت لقتال بل لهدم البيت فدخل مكة فلقي عبد المطلب فقال له أرسلني اليك الملك ليخبرك أنه لم يأت لقتال إلا أن تقاتلوه وإنما جاء لهدم البيت ثم الإنصراف فقال عبد المطلب ما لنا عنده قتال ولا لنا يدان بينه وبين ما جاء اليه فان هذا بيت الله الحرام وبيت خليله ابراهيم عليه الصلاة والسلام فإن يمنعه فهو بيته وحرمه قال فانطلق معي الى الملك فقيل اردفه على بغلة وركب بعض بنيه حتى قدم العسكر وكان ذو نفر صديقا لعبد المطلب فأتاه فقال له يا ذونفر هل عندك من غنى فيما نزل فقال غنى رجل أسير لا يأمن أن يقتل بكرة أو عشية ولكن سأبعث إلى أنيس سائس الفيل فإنه لي صديق فأسأله أن يضع لك من عند الملك ما استطاع من خير ويعظم منزلتك عنده فأرسل اليه فأتاه فقال له إن هذا سيد قريش وصاحب عير مكة يطعم الناس في السهال والوحوش في رؤوس الجبال وقد أصاب له الملك مائتي بعير فإن استطعت فانفعه فإني أحب له الخير فدخل أنيس على أبرهة فذكر ذلك كله له و أنه قد جاء يكلمك غير مخالف لك فأذن له وكان جسيما فأعظمه وأكرمه وكره الجلوس معه على السرير فنزل إلى البساط وقال لترجمانه قل له ما حاجتك عند الملك فقال له أن يرد لي إبلي فقال أبرهة لترجمانه قل له قد كنت أعجبتني حين رأيتك وزهدت الآن فيك قال لم قال جئت لبيت هو دينك ودين أبائك وهو شرفكم وعصمتكم لأهدمه ولم تكلمني فيه وكلمتني في مائتي بعير أصبتها لك فقال عبد المطلب إنا رب هذه الإبل ولهذا البيت رب يمنعه منك قال ما كان يمنعه مني قال فأنت وذاك فأمر بإبله فردت إليه فخرج بها فأخبر قريش الخبر وأمرهم أن يتفرقوا في الشعاب ورؤوس الجبال خوفا من معرفة الجيش ففعلوا وأتى عبد المطلب البيت وأخذ بحلقة الباب فقال

السابقالتالي
2 3 4 5