الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّآ أَعْطَيْنَاكَ ٱلْكَوْثَرَ }

{ إِنَّا أَعْطَيْنَـٰكَ } وقرأ الحسن وطلحة وابن محيصن والزعفراني (أنطيناك) بالنون وهي على ما قال التبريزي لغة العرب العرباء من أولي قريش وذكر غيره أنها لغة بني تميم وأهل اليمن وليست من الإبدال الصناعي في شيء ومن كلامه صلى الله عليه وسلم " اليد العليا المنطية واليد السفلى المنطاة " وكتب عليه الصلاة والسلام لوائل " أنطوا الثبجة أي الوسط في الصدقة "

{ ٱلْكَوْثَرَ } فيه أقوال كثيرة فذهب أكثر المفسرين إلى أنه نهر في الجنة لقوله صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث المتقدم آنفاً المروي عن الإمام أحمد ومسلم ومن معهما " هل تدرون ما الكوثر قالوا الله تعالى ورسوله أعلم قال هو نهر أعطانيه ربـي في الجنة عليه خير كثير ترد عليه أمتي يوم القيامة آنيته عدد الكواكب يختلج العبد منهم فأقول يا رب إنه من أمتي فيقال إنك لا تدري ما أحدث بعدك " وقوله عليه الصلاة والسلام على ما أخرجه الإمام أحمد والشيخان والترمذي والنسائي وابن ماجه وآخرون عن أنس عنه صلى الله عليه وسلم " دخلت الجنة فإذا أنا بنهر حافتاه خيام اللؤلؤ فضربت بيدي إلى ما يجري فيه الماء فإذا مسك إذفر قلت ما هذا يا جبريل قال هذا الكوثر الذي أعطاكه الله تعالى " وجاء في حديث عن أنس أيضاً قال " دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال قد أعطيت الكوثر قلت يا رسول الله وما الكوثر قال نهر في الجنة عرضه وطوله ما بين المشرق والمغرب لا يشرب منه أحد فيظمأ ولا يتوضأ منه أحد فيشعث أبداً لا يشرب منه من أخفر ذمتي ولا من قتل أهل بيتي. " وروي عن عائشة أنها قالت هو نهر في الجنة عمقه سبعون ألف فرسخ ماؤه أشد بياضاً / من اللبن وأحلى من العسل شاطئاه الدر والياقوت والزبرجد خص الله تعالى به نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم من بين الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وقالت ليس أحد يدخل أصبعيه في أذنيه إلا سمع خرير ذلك النهر وهو على التشبيه البليغ.

وقيل هو حوض له عليه الصلاة والسلام في المحشر. وقول بعضهم الاختلاف في الروايات سببه ملاحظة اختلاف سرعة السير وعدمها وهو قبل الميزان والصراط عند بعض وبعدهما قريباً من باب الجنة حيث يحبس أهلها من أمته صلى الله عليه وسلم ليتحاللوا من المظالم التي بينهم عند آخرين ويكون على هذا في الأرض المبدلة. وقيل له صلى الله عليه وسلم حوضان حوض قبل الصراط وحوض بعده ويسمى كل منهما على ما حكاه القاضي زكريا كوثراً وصحح رحمه الله تعالى أنه بعد الصراط وأن الكوثر في الجنة وأن ماءه ينصب فيه ولذا يسمى كوثراً وليس هو من خواصه عليه الصلاة والسلام كالنهر السابق بل يكون لسائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يرده مؤمنو أممهم ففي حديث الترمذي

السابقالتالي
2 3