الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

{ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. يَا أيُّها النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِمُ } المراد منع النفس عما حل مع اعتقاد أنه حلال وإِلا فتحليل الحرام وتحريم الحلال كفر، حاشاه - صلى الله عليه وسلم.

{ مَا أحَلَّ اللهُ لَكَ } هو العسل حرم شربه، كان يمكث عند زوجه زينب بنت جحش ويشربه عندها، فاتفقت عائشة وحفصة على أنه إِذا دخل على إِحداهما أن تقول له إِنى أجد منك ريح مغافير أكلت مغافير، فدخل على إِحداهما فقالت ذلك، فقال: لا بل شربت عسلا عند زينب بنت جحش ولن أعود وقد حلفت ولا تخبرى بذلك أحدًا، فنزلت: { يَا أيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ } أقرت بذلك عائشة، والمغافير بفتح الميم جمع مغفور بضمها وبالغين المعجمة له رائحة كريهة علك العرفط، وقيل نبات له ورق عريض، وقيل هو شوك له نور يأكل منه النحل والعرفط علكه، وكان - صلى الله عليه وسلم - يكره الرائحة الكريهة، وكان - صلى الله عليه وسلم - يحب الرائحة الطيبة جداً للطافة نفسه وللملك؛ فشق عليه تلك الرائحة فحرم العسل إِذ ظن أن تلك الرائحة منه لأَكل النحل ذلك؛ وفى نفس الأَمر لا رائحة من ذلك فيما شرب من ذلك العسل، إِلا أن ظاهر رواية عن سودة أن الرائحة متحققة عليه وهى أن سودة قالت: أكلت مغافير؟ قال: لا. قالت: فما هذه الريح التى أجد منك؟ قال: سقتنى حفصة شربة عسل. فقالت: جرست نحلة العرفط. فحرم العسل فنزلت إِلا إِن توطأَت مع عائشة أن تقول ذلك أو كان من عند نفسها احتيال.

وفى البخارى ومسلم أن الشرب عند حفصة والمتواطئتين على القول عائشة وسودة وأن العسل من عكة أهدتها لحفصة إِمرأة من قومها. وعن ابن عباس شرب من شراب عند سودة من العسل فدخل على عائشة فقالت: إِنى أجد منك ريحاً، فدخل على حفصة فقالت: إِنى أجد منك ريحاً. فقال: أراه من شراب شربته عند سودة والله لا أشربه فنزلت، ومعنى أراه بفتح الهمزة وضمها بمعنى أظنه، وظاهر هذه الرواية أنه شراب ركب من عسل لا عسل وحده، وظاهر ما مر أنه عسل وحده، وتحتمله هذه على أن من للبيان، والصحيح أن الشرب عند زينب وهو المشهور وهو رواية للبخارى، وفى الأُخرى له عن عائشة أن الشرب للعسل فى بيت حفصة والقابلة سودة وصفية.

وروى عن أنس أنه كانت له - صلى الله عليه وسلم - أمة يطأَها يعنى مارية فلم تزل به عائشة وحفصة حتى حرمها على نفسه فنزلت، كما روى عن ابن عباس أن الآية نزلت فى سريته وعبارة بعض أن المشهور أنها مارية وأنه - صلى الله عليه وسلم - وطئها فى بيت حفصة فى يومها إِذ خرجت إِلى أبيها بإِذنه - صلى الله عليه وسلم - فعاتبته وبكت وقالت فعلت ذلك فى بيتى ويومى وفراشى وما رأيت لى حقاً وما تفعل ذلك بإِحدى نسائك.

السابقالتالي
2