الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ ٱلْجُمُعَةِ فَٱسْعَوْاْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ وَذَرُواْ ٱلْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } * { فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلاَةُ فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَٱبْتَغُواْ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }

إنما سميت الجمعة جمعة لأنها مشتقة من الجمع، فإن أهل الإسلام يجتمعون فيه في كل أسبوع مرة بالمعابد الكبار، وفيه كمل جميع الخلائق فإنه اليوم السادس من الستة التي خلق الله فيها السموات والأرض، وفيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها، وفيه تقوم الساعة، وفيه ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يسأل الله فيها خيراً إلا أعطاه إياه، كما ثبتت بذلك الأحاديث الصحاح. وقال ابن أبي حاتم حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا عبيدة بن حميد عن منصور عن أبي معشر عن إبراهيم عن علقمة عن قرثع الضبي، حدثنا سلمان قال قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم " يا سلمان ما يوم الجمعة؟ " قلت الله ورسوله أعلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يوم الجمعة يوم جمع الله فيه أبواكم ــــ أو أبوكم ــــ " وقد رُوي عن أبي هريرة من كلامه نحو هذا، فالله أعلم. وقد كان يقال له في اللغة القديمة يوم العروبة، وثبت أن الأمم قبلنا أمروا به، فضلوا عنه، واختار اليهود يوم السبت الذي لم يقع فيه خلق آدم، واختار النصارى يوم الأحد الذي ابتدىء فيه الخلق، واختار الله لهذه الأمة يوم الجمعة الذي أكمل الله فيه الخليقة كما أخرجه البخاري ومسلم من حديث عبد الرزاق عن معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا أبو هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " نحن الآخرون السابقون يوم القيامة، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا، ثم إن هذا يومهم الذي فرض الله عليهم، فاختلفوا فيه، فهدانا الله له، فالناس لنا فيه تبع، اليهود غداً، والنصارى بعد غد " لفظ البخاري. وفي لفظ لمسلم " أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا، فكان لليهود يوم السبت، وكان للنصارى يوم الأحد، فجاء الله بنا، فهدانا الله ليوم الجمعة، فجعل الجمعة والسبت والأحد، وكذلك هم تبع لنا يوم القيامة، نحن الآخرون من أهل الدنيا، والأولون يوم القيامة، المقضي بينهم قبل الخلائق " وقد أمر الله المؤمنين بالاجتماع لعبادته يوم الجمعة فقال تعالى { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوۤاْ إِذَا نُودِىَ لِلصَّلَوٰةِ مِن يَوْمِ ٱلْجُمُعَةِ فَٱسْعَوْاْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ } أي اقصدوا واعمدوا واهتموا في سيركم إليها، وليس المراد بالسعي ههنا المشي السريع، وإنما هو الاهتمام بها كقوله تعالىوَمَنْ أَرَادَ ٱلأَخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ } الإسراء 19 وكان عمر بن الخطاب وابن مسعود رضي الله عنهما يقرآنها فامضوا إلى ذكر الله فأما المشي السريع إلى الصلاة، فقد نهي عنه لما أخرجاه في الصحيحين، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال

السابقالتالي
2 3 4