الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَارِغاً إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلاۤ أَن رَّبَطْنَا عَلَىٰ قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ }

قوله: { فَارِغاً }: خبرُ " أصبحَ " أي: فارغاً من العقلِ، أو من الصبرِ، أو من الحُزْن. وهو أبعدُها. ويَرُدُّه قراءاتٌ تُخالِفهُ: فقرأ فضالةُ والحسنُ " فَزِعاً " بالزاي، مِنَ الفزعِ. وابن عباس " قَرِعاً " بالقافِ وكسرِ الراء وسكونِها، مِنْ قَرِِعَ رأسُه: إذا انحسَرَ شعرُه. والمعنىٰ: خلا مِنْ كلِّ شيء، وانحسَر عنه كلُّ شيءٍ، إلاَّ ذِكْرَ موسى. وقيل: الساكنُ الراءِ مصدرُ قَرَعَ يَقْرَعُ أي: أصيب. وقُرِىء " فِرْغاً " بكسر الفاءِ وسكونِ الراء. والغينِ معجمةً، أي: هَدْراً. كقوله:
3585ـ فإنْ يَكُ قَتْلى قد أُصيبَتْ نفوسُهُمْ     فلَنْ يَذْهبُوا فَرْغاً بقَتْلِ حِبالِ
" فَرْغاً " حالٌ مِنْ " بِقَتْلِ ". وقرأ الخليلُ " فُرُغاً " بضم الفاء والراء وإعجامِ الغين، من هذا المعنىٰ.

قوله: { إِن كَادَتْ لَتُبْدِي } " إنْ ": إمَّا مخففةٌ، وإمَّا نافيةٌ. واللامُ: إمَّا فارقةٌ، وإمَّا بمعنى إلاَّ.

قوله: { لَوْلاۤ أَن رَّبَطْنَا } جوابُها محذوفٌ أي: لأَبْدَتْ، كقولِه:وَهَمَّ بِهَا لَوْلاۤ أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ } [يوسف: 24]. و { لِتَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } متعلقٌ بـ " رَبَطْنا ". والباء في " به " مزيدةٌ في المفعولِ أي: لِتُظْهِرَه وقيل: ليسَتْ زائدةً بل سببيةٌ. والمفعولُ محذوفٌ أي: لَتُبْديْ القولَ بسببِ موسىٰ أو بسببِ الوَحْي. فالضميرُ يجوزُ عَوْدُه على موسىٰ أوعلى الوحي.