الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا جَآءَكُمُ ٱلْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَٱمْتَحِنُوهُنَّ ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى ٱلْكُفَّارِ لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُم مَّآ أَنفَقُواْ وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَآ آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلاَ تُمْسِكُواْ بِعِصَمِ ٱلْكَوَافِرِ وَاسْأَلُواْ مَآ أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُواْ مَآ أَنفَقُواْ ذَلِكُمْ حُكْمُ ٱللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } * { وَإِن فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى ٱلْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُواْ ٱلَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِّثْلَ مَآ أَنفَقُواْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِيۤ أَنتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ }

قوله: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } لما أمر الله المسلمين بهجر الكفار، اقتضى ذلك عدم مساكنتهم والهجرة إلى المسلمين، خوفاً من الموالاة المنهي عنها، وكان التناكح من أقرب أسباب الموالاة بين أحكام الزوجين في هذه الآية، وسبب نزولها: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما عقد الصلح مع الكفار عام الحديبية على شرط أن من أتى النبي من أهل مكة يرده إليهم وإن كان مسلماً، جاءت سبعية بنت الحرث الأسلمية مهاجرة للنبي، فجاء زوجها صيفي بن الراهب، وقيل المسافر المخزومي، وكان كافراً فقال: يا محمد اردد علي امرأتي، فأنت شرطت ذلك، فأنزل الله هذه الآية، فاستحلفها رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلفت، فأعطى زوجها ما أنفق، وتزوجها عمر بن الخطاب. قوله: (بألسنتهن) أي ناطقات بالشهادتين بألسنتهن. قوله: (من الكفار) أي حال كونهم من جملة الكفار، أو متعلق بجاءكم. قوله: (بعد الصلح) متعلق بمهاجرات أو بجاءكم. قوله: (على أن من جاء منهم) أي مؤمناً.

قوله: { فَٱمْتَحِنُوهُنَّ } (بالحلف) أي حلفوهن هل هن مسلمات حقيقة أو لا؟ وسبب الامتحان، أنه كان من أرادت من الكفار إضرار زوجها قالت: سأهاجر إلى رسول الله، فلذلك أمر بالامتحان. قوله: { ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ } أي بصدقه. قوله: { فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ } أن لا يحل لكم أن تردوهن إلى الكفار، قال تعالىوَلَن يَجْعَلَ ٱللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً } [النساء: 141]. قوله: { وَآتُوهُم مَّآ أَنفَقُواْ } أي ما دفعوا لهن من المهور، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك مع زوج سبيعة. قوله: (بشرطه) أي وهو انقضاء عدتها في الإسلام، إن كان مدخولاً بها، والولي والشاهدان وبقية شروط الصحة في المدخول بها وغيرها. قوله: (بالتشديد والتخفيف) أي فهما قراءتان سبعيتان.

قوله: { بِعِصَمِ ٱلْكَوَافِرِ } جمع عصمة وهي هنا عقد النكاح، والكوافر جمع كافرة، كضوارب جمع ضاربة، وقوله: (زوجاتكم) أي المتأصلات في الكفر اللاتي أسلمتم عنهن، وهذا النعت المقدر هو المعطوف عليه قوله: (واللاحقات) الخ، وصورة المسألة: أن الزوج أسلم عن زوجته الكافرة، فهذا نهي للمؤمنين عن بقائهم على عصم المشركات الباقيات على الكفر، بخلاف إسلامهم عن الكتابيات فلا ينفسخ بكاحهم، فإن النكاح بهن يجوز للمسلم ابتداء، فلا يمنع من البقاء عليهن بعد الإسلام. قوله: (لقطع إسلامكم لها بشروطه) أي شرط القطع، وهو أن لا يجمعهما الإسلام في العدة، فإن أسلم وأسلمت بعده بشهر ونحوه، وأسمت قبله وأسلم بعدها في العدة، والموضوع أنه مدخول بها، أقر عليها في الصورتين. قوله: (أو اللاحقات) معطوف على النعت المقدر بعد (زوجاتكم) وصورتها: مسلمات أصالة تحت أزواج مسلمين، فوقعت منهم الردة والتحقن بالمشركين في ذلك. قوله: (بشرطه) أي وهو دوام الردة إلى وفاء العدة، فإن رجعت للإسلام قبل وفاء العدة، ترجع له من غير عقد، هكذا مذهب الإمام الشافعي في المدخول بها، وأما غيرها فتبين بمجرد الردة، وأما مذهب مالك فلا ترجع له إلا بعقد مطلقاً، سواء رجعت قبل العدة أو بعدها، فكلام المفسر على قاعدة مذهب الإمام الشافعي.

السابقالتالي
2