الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱمْرَأَتَ نُوحٍ وَٱمْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ٱدْخُلاَ ٱلنَّارَ مَعَ ٱلدَّاخِلِينَ }

قوله: { ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً }: إلى آخره قد تَقَدَّم الكلامُ على " ضَرَبَ " مع المثل. وهل هي بمعنى صَيَّر أم لا؟ وكيف ينتصِبُ ما بعدها؟ في سورةِ النحلِ فأغنى ذلك عن إعادتِه هنا.

قوله: { كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ } جملةٌ مستأنفة كأنها مفسِّرةٌ لضَرْبِ المَثَلِ، ولم يأتِ بضميرِها، فيُقال: تحتَهما أي: تحتَ نوحٍ ولوطٍ، لِما قُصِدَ مِنْ تَشْريفِهما بهذه الأوصافِ الشريفةِ:
4280ـ لا تَدْعُني إلاَّ بـ " يا عبدَها "   فإنَّه أشرفُ أسمائي
وليصِفَها بأجلِّ الصفاتِ وهو الصَّلاحُ.

قوله: { فَلَمْ يُغْنِيا } العامَّةُ بالياء مِنْ تحتُ أي: لم يُغْن نوحٌ ولوطٌ عن امرأتيهما شيئاً مِنْ الإِغناءِ مِنْ عذابِ الله.

وقرأ مبشر بن عبيد " تُغْنِيا " بالتاءِ مِنْ فوقُ أي: فلم تُغْنِ المرأتان عن أنفسِهما. وفيها إشكالٌ: إذ يلزمُ من ذلك تعدِّي فعل المضمرِ المتصل إلى ضميره المتصل في غيرِ المواضعِ المستثناةِ وجوابُه: أنَّ " عَنْ " هنا اسم كهي في قوله:

4281ـ دَعْ عنك نَهْباً صِيْحَ في حَجَراتِهِ   ........................
وقد تقدَّم لك هذا والاعتراضُ عليه بقوله:وَهُزِّىۤ إِلَيْكِ } [مريم: 25]وَٱضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ } [القصص: 32] وما أُجيب به ثَمَّة.