الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ بُشْرَىٰ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }

{ وما جَعَله } أى الوعد والإرداف المسبوك اللفظ فى قراءة فتح أن، والمدلول عليه بلفظ ممد فى قراءة الكسر، أو المدد أو الألف نظرا لإفراد اللفظ، أو لقول أو استجابة أنى ممدكم { اللهُ إلا بُشْرى لَكُم } بشارة لكم بالنصر { ولتَطْمئنَّ } متعلق بمحذوف، أى وفعل ذلك لتطمئن، أو بمحذوف معطوف على بشرى، أى وثابتا لتطمئن عند مجيز الإخبار بالتعليل، وإن جعلت لام لكم التعليل سواء علقت بمحذوف نعت بشرى، أو بجعل فلتطمئن معطوف على لكم، ولكن الأولى فى لام لكم أنها للتعليل. { بِهِ قُلوبُكم } فيزول ما فيها من الخوف لقلتكم إذا رأيتموهم وسمعتم أصواتهم فيكم، وكانوا يقولون اثبتوا فإن عدوكم قليل، وإن الله معكم، ولم ينزلوا ليقاتلوا، وإلا فملك واحد كاف فى إهلاك أهل الدنيا، وقد حمل جبريل مدائن قوم لوط بريشة واحدة، وأهلك قوم صالح بصيحة واحدة فيما قيل، من قال قاتلت الملائكة يوم بدر قال إن المراد بالذات فى إرسالها البشرى، والاطمئنان وتكثير العدد، وقتالها كان بالعرض، ولا يقتلون أحدا إلا بأمر الله، ولم يرد الله أن يقاتلوا إلا على هيئة قتال الآدميين، ويكون الفعل للنبى صلى الله عليه وسلم والمسلمين. ويوافق أنهم قاتلوا ما قال أبو داود المازنى إنى لأتبع رجلا من المشركين يوم بدر لأضربه، إذ وقع رأسه قبل أن يصل إليه سيفى، فعرفت أنه قتله غيرى، ومثل هذا عن أبى واقد الليثى، وعن ابن عباس بينما مسلم الأنصارى يشتد فى أثر مشرك إذ سمع ضربة السوط فوقه، وصوت الفارس يقول أقدم حيزوم، فنظر إلى المشرك أمامه فخر مستلقيا فنظر إليه فإذا هو قد خطم أنفه وشق وجهه، فأخبر الأنصارى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صدقت ذلك من مدد السماء الثالثة. وعن سهل بن عمرو لقد رأيت يوم بدر رجالا بيضا على خيل بلق، بين السماء والأرض معلمين، يقتلون ويأسرون، وعن أبى أمامة بن سهل قال لى إنى لقد رأيتما فى يوم بدر، وإن أحدنا ليشير بكفه إلى المشرك فيقع رأسه عن جسده قبل أن يصل إليه السيف. وعن أبى بردة " جئت يوم بدر بثلاثة رءوس فوضعتهن بين يدي النبى صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله أما رأسان فأنا قتلتهما، وأما الثالث فإنى رأيت رجلا أبيض طويلا ضربه، فأخذت أنا رأسه، فقال صلى الله عليه وسلم " ذلك فلان من الملائكة ". وعن السائب بن أبى حبيش " انهزمت مع قريش، فأدركنى رجل طويل على فرس أبيض بين السماء والأرض فأوثقنى رباطا، وجاء عبد الرحمن بن عوف فوجدنى مربوطا، فكان عبد الرحمن ينادى من أسر هذا؟ فليس يزعم أحد أنه أسرنى حتى انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لى " يا ابن حبيش من أسرك؟ " فقلت لا أعرفه وكرهت أن أخبره بالذى رأيت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أسره ملك اذهب يا ابن عوف بأسيرك "

السابقالتالي
2 3