الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱمْرَأَتَ نُوحٍ وَٱمْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ٱدْخُلاَ ٱلنَّارَ مَعَ ٱلدَّاخِلِينَ }

{ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا } وذلك فى اللوح المحفوظ أو فى خلق القرآن، أو ذلك إِنشاء كقولك اشتريت عاقداً للشراء، ومعنى ضرب المثل إِثبات غريب يعرف به أمر آخر مشاكل له، ومحط ضرب المثل خيانة المرأتين مع أنهما مع نور النبيين الهاديين، وهما من أهل النار ولا ينفعهما النبيان، وكذلك لا تنفع قرابة النبى - صلى الله عليه وسلم - من كفر به، ومثلا مفعول ثان مقدم، وامرأة مفعول أول مؤخر، وللذين متعلق بضرب أو نعت لمثلاً لا متعلق بمثلاً كما قيل، لأَنه جاهد وعلى تأويله بمماثل يحتاج لتقدير مضاف أى مماثلاً لحال الذين كفروا، نعم فيه وفى جعله نعتاً عدم الفصل بين ضرب ومتعلقه وآخر المفعول الأَول ليتصل بما يفسره وهو كون المرأتين تحت عبدين.. الخ، وتعدى لاثنين لمعنى التصيير، ولك جعل مثلا مفعولا به وامرأة بدلاً منه متعدياً لواحد أى أثبت فى المماثلة امرأة نوح الخ. { امْرَأةَ نُوحٍ } اسمها والعة أو والهة. { وَامْرَأةَ لُوطٍ } اسمها والهة على أن امرأة نوح والعة، أو اسمها والعة على أن امراة نوح والهة. { كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا } نبيين عظيمين أديا ما لزمهما من حق العبودية لله تعالى قدر جهدهما نوح ولوط عليهما السلام وغاية حق الله عز وجل لا طاقة لمخلوق فى القيام بها. { صَالِحَينِ } متحررين عن الفساد والبطالة حتى أن لهما سعادة الدنيا والآخرة { فَخَانَتَاهُمَا } بإِضمار الشرك وإِعانة أهله بكل ما وجدتا ونفاق إِظهار التوحيد لهما، وفى ذلك أن امرأة نوح تقول للناس إِن نوحاً مجنون.

وأن امرأة لوط تدل قومه على الضيف ليفحشوا بهم، وأنهما إِذا أوحى إِليهما أفشتا الوحى على الوجه الذى لا يليق بزيادة أو نقص أو تبديل، وأنهما تنمان، وقيل كفر جارحة لا إِضمار شرك، وقيل إِن خيانتيهما الزنى وقيل الشرك والزنى، ويردهما أن الزانى فى أزواج الأَنبياء نقيصة فيهم فلا تتصور، بخلاف الإِشراك فإِنه ليس فى قلوب المشركين نقصاً وعيباً بل يعدونه حقاً لعنهم الله ولعن اعتقادهم.

وعن ابن عباس موقوفاً " ما زنت امرأة نبي قط " ورواه أشرس بسنده إِلى النبى - صلى الله عليه وسلم - { فَلَمْ يُغْنِيَا } أى العبدان الصالحان بسبب خيانتهما. { عَنْهُمَا } عن المرأتين الخائنتين وهما زوجان للعبدين الصالحين. { مِنَ اللهِ } حال من قوله { شَيْئًا } مفعول ليغنى بمعنى لم يدفعا شيئاً من عذاب الله عنهما بالشفاعة للزوجية، أو مفعول مطلق أى لم يغنيا عنهما إِغناء ما. { وَقِيلَ } قال الله تعالى كيف يليق أو الملائكة يوم القيامة والماضى لتحقق الوقوع أو عند موتهما والماضى على ظاهره { ادْخُلاَ النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ } موت الكافر أو قبره أول الآخرة ومفتاح لنار الآخرة بل يعذب أيضاً فى قبره أو روحه بنار منها، والمراد مع سائر الداخلين الذين لا وصلة لهم بالعباد الصالحين فكأَنهما لم تكن لهما وصلة وهما النبيان إِذ لم تتبعاهما، وكذلك لا ينتفع من قرب من الكفار إِليه - صلى الله عليه وسلم - بقرابته، وكذلك لا تنفع أُمهات المؤمنين زوجيتهن للنبى - صلى الله عليه وسلم - لو ارتكبن محظوراً ولم يتبن حاشاهن، والآية دالة على ذلك كله.