الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي ٱلأَرْضِ مُرَٰغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ ٱلْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلىَ ٱللَّهِ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }

{ ومن يهاجر فى سبيل الله } ترغيب فى المهاجرة وتأنيس لها وسبيل الله ما امر بسلوكه { يجد فى الارض مراغما كثيرا } اى متحولا يتحول اليه ومهاجرا وانما عبر عنه بذلك تأكيدا للترغيب لما فيه من الاشعار يكون ذلك المتحول بحيث يصل المهاجر بما فيه من الخير والنعمة الى ما يكون سببا لرغم انف قومه الذين هاجرهم. والرغم الذل والهوان واصله لصوق الانف بالرغام وهو التراب يقال ارغم الله انفه اى الصقه بالرغام ولما كان الانف من جملة الاعضاء فى غاية العزة والتراب فى غاية الذلة جعل قولهم رغم انفه كناية عن الذلة { وسعة } فى الرزق واظهار الدين { ومن يخرج من بيته مهاجرا } اى مفارقا قومه واهله وولده { الى الله ورسوله } اى الى طاعة الله وطاعة رسوله { ثم يدركه الموت } اى قبل ان يصل الى المقصد وان كان ذلك خارج بابه كما ينبىء عنه ايثار الخروج من بيته على المهاجرة { فقد وقع اجره على الله } الوقوع والوجوب متقاربان والمعنى ثبت اجره عند الله ثبوت الامر الواجب { وكان الله غفورا } مبالغا فى المغفرة فيغفر له ما فرط منه من الذنوب التى من جملتها القعود عن الهجرة الى وقت الخروج { رحيما } مبالغا فى الرحمة فيرحمه باكمال ثواب هجرته ـ روى ـ ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث بالآيات المحذرة عن ترك الهجرة الى مسلمى مكة. قال جندب بن ضمرة من بنى الليث لبنيه وكان شيخا كبيرا لا يستطيع ان يركب الراحلة احملونى فانى لست من المستضعفين وانى لأهتدى الطريق ولى من المال ما يبلغنى المدينة وابعد منها والله لا ابيت الليلة بمكة فحملوه على سرير متوجها الى المدينة فلما بلغ التنعيم وهو موضع قريب من مكة اشرف على الموت فاخذ يصفق بيمينه على شماله ثم قال اللهم هذه لك وهذه لرسولك ابايعك على ما بايعك عليه رسولك فمات حميدا فلما بلغ خبره اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا لو توفى بالمدينة لكان اتم اجرا وقال المشركون وهم يضحكون ما ادرك هذا ما طلب فانزل الله هذه الآية فمن هذا قالوا المؤمن اذا قصد طاعة ثم اعجزه العذر عن اتمامها كتب الله له ثواب تمام تلك الطاعة. وفى الكشاف قالوا كل هجرة لغرض دينى من طلب علم او حج او جهاد او فرار الى بلد يزداد فيه طاعة او قناعة وزهدا فى الدنيا او ابتغاء رزق طيب فهى هجرة الى الله ورسوله وان ادركه الموت فى طريقه فاجره واقع على الله انتهى. قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى قدس سره من مات قبل الكمال فمراده يجيئ اليه كما ان من مات فى طريق الكعبة يكتب له اجر حجين.

السابقالتالي
2 3