الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلِ ٱنظُرُواْ مَاذَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا تُغْنِي ٱلآيَاتُ وَٱلنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ }

قوله تعالى: { مَاذَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ }: يجوز أن يكون " ماذا " كله استفهاماً مبتدأ، و " في السموات " خبرُه أي: أيُّ شيءٍ في السموات؟ ويجوزُ أن تكونَ " ما " مبتدأً و " ذا " بمعنى الذي، و " في السموات " صلتُه وهو خبرُ المبتدأ، وعلىٰ التقديرين فالمبتدأُ وخبرُه في محلِّ نصبٍ بإسقاط الخافضِ؛ لأن الفعلَ قبله مُعَلَّقٌ بالاستفهام، ويجوزُ على ضَعْفٍ أن يكونَ " ماذا " كله موصولاً بمعنى الذي وهو في محل نصب بـ " انظروا ". ووجهُ ضعفِه أنه لا يخلو: إمَّا أن يكونَ النظر بمعنى البصر فيُعدَّىٰ بـ " إلى " ، وإمَّا أن يكونَ قلبيَّاً فيعدَّى بـ " في " وقد تقدَّم الكلام في " ماذا ".

قوله: { وَمَا تُغْنِي } ، يجوز في " ما " أن تكون استفهامية، وهي واقعةٌ موقعَ المصدر أي: أيَّ غَناءٍ تُغْني الآيات؟ ويجوز أن تكونَ نافيةً، وهذا هو الظاهر. وقال ابن عطية: ويحتمل أن تكونَ " ما " في قوله: " وما تغني " مفعولةً بقوله: " انظروا " ، معطوفةً على قوله: " ماذا " أي: تأمَّلوا قَدْر غَناء الآيات والنُّذُر عن الكفار ". قال الشيخ: " وفيه ضعفٌ، وفي قوله: " معطوفة على " ماذا " تجُّوزٌ، يعني أن الجملةَ الاستفهامية التي هي { مَاذَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ } في موضع المفعول، إلا أن " ماذا " وحده منصوب بـ " انظروا " فتكون " ماذا " موصولةً، و " انظروا " بصرية لما تقدم " يعني لِما تقدم مِنْ أنه لو كانت بصرية لتعدَّتْ بـ " إلى ".

و " النُّذُرُ " يجوز أن يكونَ جمعَ نذير، والمراد به المصدر فيكونَ التقدير: وما تُغْني الآيات والإِنذارات، وأن يكونَ جمعَ " نذير " مراداً به اسمَ الفاعل بمعنى مُنْذِر فيكون التقدير: والمنذرون وهم الرسل.