الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ حِينَ ٱلْوَصِيَّةِ ٱثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ ٱلْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ ٱلصَّلاَةِ فَيُقْسِمَانِ بِٱللَّهِ إِنِ ٱرْتَبْتُمْ لاَ نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ وَلاَ نَكْتُمُ شَهَادَةَ ٱللَّهِ إِنَّآ إِذَاً لَّمِنَ ٱلآَثِمِينَ }

{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ } استئناف مسوق لبيان الأحكام المتعلقة بأمور دنياهم إثر بيان الأحوال المتعلقة بأمور دينهم، وفيه من إظهار كمال العناية بمضمونه ما لا يخفى { شَهَـٰدَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ حِينَ ٱلْوَصِيَّةِ ٱثْنَانِ } للشهادة معان: الإحضار والقضاء والحكم والحلف والعلم والإيصاء، والمراد بهاهنا الأخير كما نص عليه جماعة من المفسرين، وسيأتي إن شاء الله تعالى تحقيق ذلك، وقرأها الجمهور بالرفع على أنها مبتدأ و (اثنان) خبرها، والكلام على حذف مضاف / من الأول أي ذو شهادة بينكم إثنان أو من الثاني أي شهادة بينكم شهادة إثنين، والتزم ذلك ليتصادق المبتدأ والخبر، وقيل: الشهادة بمعنى الشهود كرجل عدل فلا حاجة إلى التزام الحذف، وقيل: الخبر محذوف و (اثنان) مرفوع بالمصدر الذي هو { شَهَادَةً } والتقدير فيما فرض عليكم أن يشهد إثنان وإلى هذا ذهب الزجاج والشهادة فيه على معناها المتبادر منها لا بمعنى الإشهاد، وكلام البعض يوهم ذلك وهو في الحقيقة بيان لحاصل معنى الكلام. وزعم بعضهم أنها بمعنى الإشهاد الذي هو مصدر المجهول و (اثنان) قائم مقام فاعله، وفيه أن الإتيان لمصدر الفعل المجهول بنائب فاعل وهو اسم ظاهر وإن جوزه البصريون كما في «شرح التسهيل» للمرادي فقد منعه الكوفيون وقالوا: إنه هو الصحيح لأن حذف فاعل المصدر سائغ شائع فلا يحتاج إلى ما يسد مسد فاعله كفاعل الفعل الصريح. و { إِذَا } ظرف لشهادة أي ليشهد وقت حضور الميت والمراد مشارفته وظهور أماراته، و { حِينَ ٱلْوَصِيَّةِ } أما بدل من { إِذَا } وفيه تنبيه على أن الوصية من المهمات المقررة التي لا ينبغي أن يتهاون بها المسلم ويذهل عنها. وجوز أن يتعلق بنفس الموت أي وقوع الموت أي أسبابه حين الوصية أو يحضر، وأن يكون { شَهَادَةً } مبتدأ خبره { إِذَا حَضَرَ } أي وقوع الشهادة في وقت حضور الموت و { حِينَ ٱلْوَصِيَّةِ } على الأوجه السابقة، ولا يجوز فيه أن يكون ظرفاً للشهادة لئلا يخبر عن الموصول قبل تمام صلته أو خبره { حِينَ ٱلْوَصِيَّةِ } و { إِذَا } منصوب بالشهادة ولا يجوز نصبه بالوصية وإن كان المعنى عليه لأن معمول المصدر لا يتقدمه على الصحيح مع ما يلزم من تقديم معمول المضاف إليه على المضاف وهو لا يجوز في غير ـ غير ـ لأنها بمنزلة لا و { ٱثْنَانِ } على هذين الوجهين إما فاعل يشهد مقدراً أو خبراً لشاهدان كذلك. وعن الفراء أن { شَهَادَةً } مبتدأ و { ٱثْنَانِ } فاعله سدَّ مسد الخبر وجعل المصدر بمعنى الأمر أي ليشهد، وفيه نيابة المصدر عن فعل الطلب وهو ضعيف عند غيره لأن الاكتفاء بالفاعل مخصوص بالوصف المعتمد. و { إِذَا } و { حِينٍ } عليه منصوبان على الظرفية كما مر، وإضافة { شَهَادَةً } إلى الظرف على التوسع لأنه متصرف ولذا قرىء

السابقالتالي
2 3 4 5