الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان/ عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي (ت 1376هـ) مصنف و مدقق


{ قُل لَّوْ كَانَ ٱلْبَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ ٱلْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً }

أي: قل لهم مخبراً عن عظمة الباري، وسعة صفاته، وأنها لا يحيط العباد بشيء منها: { لَّوْ كَانَ ٱلْبَحْرُ } أي: هذه الأبحر الموجودة في العالم { مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّي } أي: وأشجار الدنيا من أولها إلى آخرها، من أشجار البلدان والبراري، والبحار أقلام، { لَنَفِدَ ٱلْبَحْرُ } وتكسرت الأقلام { قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي } وهذا شيء عظيم، لا يحيط به أحد. وفي الآية الأخرى:وَلَوْ أَنَّمَا فِي ٱلأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ وَٱلْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } [لقمان: 27] وهذا من باب تقريب المعنى إلى الأذهان، لأن هذه الأشياء مخلوقة، وجميع المخلوقات منقضية منتهية، وأما كلام الله فإنه من جملة صفاته، وصفاته غير مخلوقة، ولا لها حد ولا منتهى، فأيُّ سعة وعظمة تصورتها القلوب فالله فوق ذلك، وهكذا سائر صفات الله تعالى، كعلمه، وحكمته، وقدرته، ورحمته، فلو جمع علم الخلائق من الأولين والآخرين، أهل السماوات وأهل الأرض، لكان بالنسبة إلى علم العظيم، أقل من نسبة عصفور وقع على حافة البحر، فأخذ بمنقاره من البحر بالنسبة للبحر وعظمته، ذلك بأن الله له الصفات العظيمة الواسعة الكاملة، وأن إلى ربك المنتهى.