الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ جَآءُوا بِٱلإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنْكُمْ لاَ تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ مَّا ٱكْتَسَبَ مِنَ ٱلإِثْمِ وَٱلَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ }

قوله عزّ وجلّ: { إِنَّ ٱلَّذِينَ جَآءُوا بِٱلإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنْكُمْ } الآيات، سبب نزول هذه الآية ما أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، أخبرنا محمد بن إسماعيل، أخبرنا عبد العزيز بن عبد الله، أخبرنا إبراهيم بن سعد، عن صالح، عن ابن شهاب قال: حدثني عروة بن الزبير، وسعيد بن المسيب، وعلقمة بن وقاص، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين قال لها أهل الإِفك ما قالوا، وكلهم حدثني طائفةً من حديثها، وبعضهم كان أوعى لحديثها من بعض وأثبتَ له اقتصاصاً، وقد وعيت عن كل رجل منهم الحديثَ الذي حدثني عن عائشة، وبعضُ حديثهم يُصدّق بعضاً. قالوا: قالت عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفراً أقرع بين أزواجه وأيهنّ خرج سهمها خرج بها النبي صلى الله عليه وسلم معه، قالت عائشة فأقرع بيننا في غزوة غزاها، فخرج فيها سهمي، فخرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما أُنزل الحجاب، فكنت أُحمل في هودج وأُنزل فيه، فسرنا حتى إذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوته تلك، وقفل ودنونا من المدينة قافلين آذن ليلة بالرحيل، فقمت حين آذنوا بالرحيل فمشيت حتى جاوزت الجيش، فلما قضيت شأني أقبلت إلى رحلي فلمست صدري فإذا عِقْدٌ لي من جزع ظفار قد انقطع فرجعت، فالتمست عقدي فحبسني ابتغاؤه. قالت: وأقبل الرَّهطُ الذين كانوا يرحلون بي فاحتملوا هودجي فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب عليه وهم يحسبون أني فيه، وكان النساء إذ ذاك خفافاً لم يهبلَن ولم يغشهن اللحم إنما يأكلن العُلْقَةَ من الطعام، فلم يستنكر القوم خفة الهودج حين رفعوه وحملوه، وكنت جارية حديثة السن، فبعثوا الجمل وساروا، ووجدت عقدي بعدما استمر الجيش، فجئت منازلهم وليس بها منهم داعٍ ولا مجيب، فتيممت منزلي الذي كنت فيه وظننت أنهم سيفقدونني فيرجعون إلي، فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت، وكان صفوان بن المعطَّل السُّلَمي ثم الذَّكْواني من وراء الجيش فأصبح عند منزلي فرأى سواد إنسان نائم فعرفني حين رآني وكان رآني قبل الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني،فخمرت وجهي بجلبابي، ووالله ما تكلمنا بكلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه، وهوى حتى أناخ راحلته فوطىء على يدها، فقمت إليها فركبتها، فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش موغرين في نحر الظهيرة وهم نزول. قالت: فهلك من هلك، وكان الذي تولى كبر الإِفك عبد الله بن أُبيّ بن سلول، قال عروة أُخبرت أنه كان يشاع ويتحدث به عنده فيقره ويستمعه ويستوشيه.

السابقالتالي
2 3 4 5 6