الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ } * { أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ } * { يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي ٱلْحَافِرَةِ } * { أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً نَّخِرَةً } * { قَالُواْ تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ }

{ قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ } ، خائفة قلقة مضطربة، وسمي " الوجيف " في السير لشدة اضطرابه، يقال: وجف القلب ووجب وجوفاً ووجيفاً ووجوباً ووجيباً. وقال مجاهد: وجلة. وقال السدي: زائلة عن أماكنها، نظيرهإِذِ ٱلْقُلُوبُ لَدَى ٱلْحَنَاجِرِ } [غافر: 18]. { أَبْصَـٰرُهَا خَـٰشِعَةٌ } ، ذليلة كقوله:خَاشِعِينَ مِنَ ٱلذُّلِّ } [الشورى: 45] الآية. { يَقُولُونَ } يعني المنكرين للبعث إذا قيل لهم إنكم مبعوثون من بعد الموت: { أَءِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِى ٱلْحَافِرَةِ }؟ أي: إلى أول الحال وابتداء الأمر فنصير أحياءً بعد الموت كما كنا؟ تقول العرب: رجع فلان في حافرته أي رجع من حيث جاء، والحافرة عندهم اسم لابتداء الشيء، وأول الشيء. وقال بعضهم: " الحافرة ": وجه الأرض التي تحفر فيها قبورهم، سميت حافرة بمعنى المحفورة، كقوله: { عِيشَةٍ راضِيَة } أي مرضية. وقيل: سميت حافرة لأنها مستقر الحوافر، أي أئنا لمردُودون إلى الأرض فنبعث خلقاً جديداً نمشي عليها؟ وقال ابن زيد: " الحافرة " النار. { أَءِذَا كُنَّا عِظَـٰماً نَّخِرَةً } ، قرأ نافع وابن عامر والكسائي ويعقوب: " أئنا "؟ مستفهماً، " إذا " بتركه، ضده أبو جعفر، الباقون باستفهامهما، وقرأ حمزة والكسائي وأبو عمرو: " عظـاماً ناخرة " ، وقرأ الآخرون " نخرة " وهما لغتان، مثل الطمع والطامع والحذر والحاذر، ومعناهما البالية، وفرّق قوم بينهما، فقالوا: النخرة: البالية والناخرة: المجوفة التي تمر فيها الريح فتنخر أي: تصوّت. { قَالُواْ } ، يعني المنكرين: { تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ } ، رجعة خائبة، يعني إن رددنا بعد الموت لنخسرن بما يصيبنا بعد الموت.