الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ سَيَقُولُ لَكَ ٱلْمُخَلَّفُونَ مِنَ ٱلأَعْرَابِ شَغَلَتْنَآ أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَٱسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرّاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعاً بَلْ كَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً }

{ سيقول لك المخلفون من الاعراب } السين للاستقبال يقال خلفته بالتشديد تركته خلفى وخلفوا اثقالهم تخليفا خلوها ورآء ظهورهم والتخليف بالفارسية وابس كنشتن ودر انيجا مراد از مخلفون بازبس كردكان خداى يعنى ايشان كه بازيس كرده انداز صحبت رسول عليه السلام ازباديه نشينان. خلفهم الله عن رسول الله كما قالكره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين } قال فى المفردات العرب اولاد اسمعيل عليه السلام والاعراب جمعه فى الاصل وصار ذلك اسما لمكان البادية وقيل فى جمع الاعراب اعاريب والاعرابى صار اسما فى التعارف للمنسوبين الى سكان البادية انتهى وفى القاموس العرب بالضم وبالتحريك خلاف العجم مؤنث وهم سكان الامصار والاعراب منهم سكان البادية ويجمع على اعاريب انتهى وفى مختار الصحاح العرب جيل من الناس والنسبة اليهم عربى وهم اهل الامصار والاعراب منهم سكان البادية خاصة و النسبة اليهم اعرابى وليس الاعراب جمعا لعرب بل هو اسم جنس انتهى وقال ابن الشيخ فى سورة التوبة العرب هو الصنف الخاص من بنى آدم سوآء سكن البوادى ام القرى واما الاعراب فانه لا يطلق الا على من يسكن البوادى فالاعراب جمع اعرابى كما ان العرب جمع عربى والمجوس جمع مجوسى واليهود جمع يهودى بحذف ياء النسبة فى الجمع ويدل على الفرق بين العرب والاعراب قوله عليه السلام " حب العرب من الايمان " وقوله تعالىالاعراب اشد كفرا ونفاقا } حيث مدح العرب وذم الاعراب الذين هم سكان البادية فعلى هذا يكون العرب اعم من الاعراب وقيل العرب هم الذين استوطنوا المدن والقرى والاعراب اهل البدو فعلى هذا القول يكونان متباينين انتهى والمراد هنا هم اعراب غفار ومزينة وجهينة واشجع واسلم والدئل بالكسر تخلفوا عن رسول الله عليه السلام حين استنفر من حول المدينة من الاعراب واهل البوادى ليخرجوا معه عند ارادته المسير الى مكة عام الحديبية معتمرا حذرا من قريش أن يتعرضوا له بحرب ويصدوه عن البيت واحرم عليه السلام وساق معه الهدى ليعلم انه لا يريد الحرب وتثاقلوا عن الخروج وقالوا أنذهب الى قوم قد غزوه فى عقر داره بالمدينة وقتلوا اصحابه فنقاتلهم فأوحى الله اليه عليه السلام بأنهم سبعتلون اى عند وصولك الى المدينة ويقولون { شغلتنا } مشغول كرد مارا. والشغل العارض الذى يذهل الانسان وقد شغل فهو مشغول { اموالنا واهلونا } ولم يكن لنا من يخلفنا فيهم ويقوم بمصالحهم ويحميهم من الضياع والاموال جمع مال وهو كل ما يتملكه الناس من دراهم او دنانير او ذهب او فضة او حنطة او خبز او حيوان او ثياب او سلاح او غير ذلك والمال العين هو المضروب وسمى المال مالا لكونه بالذات تميل القلوب اليه وفى التلويح المال ما يميل اليه الطبع ويدخر لوقت الحاجة او ما خلق لمصالح الآدمى ويجرى فيه الشح والضنة انتهى والاهلون جمع اهل واهل الرجل عشيرته وذووا قرباه وقد يجمع الاهل على اهال وآهال واهلات ويحرك كأرضات على تقدير تاء التأنيث اى على ان اصله اهلة كما فى ارض فحكمه حكم تمرة حيث يجوز فى تمرات تحريك الميم { فاستغفر لنا } الله تعالى ليغفر لنا تخلفنا عنك حيث لم يكن ذلك باختيار بل عن اضطرار { يقولون بألسنتهم ما ليس فى قلوبهم } تكذيب لهم فى الاعتذار وسؤال الاستغفار يعنى انه تكذيب لهم فيما يتضمنه من الحكم من انا مؤمنون حقا معترفون بذنوبنا فالشك والنفاق هو الذى خلفهم لا غير وفى الآية إشارة الى ان القلوب الغافلة عن الله يقولون اى اهلها بألسنتهم ما ليس له حقيقة ولا شعور لقلوبهم على حقيقة ما يقولون فانهم يقولون ويريدون به معنى آخر كقولهم شغلتنا اموالنا واهلونا مجازا يريدون به اعتذارا لتخلفهم ولقولهم شغلتنا حقيقة وذلك ان اموالهم واهليهم شغلتهم عن ذكر الله والائتمار بأوامره وعن متابعة النبى عليه السلام وهم مأمورون بها قال المولى الجامى مكن تعلق خاطر بنقش صفحة دهره جريده وارهمى زى وساده وش مى باش { قل } رداً لهم عند اعتذارهم اليك باباطيلهم { فمن يملك لكم من الله شيئا } اى فمن يقدر لاجلكم من مشيئة الله وقضائه على شئ من النفع { ان اراد بكم ضرا } اى ما يضركم من هلاك الاهل والمال وضياعهما حتى تتخلفوا عن الخروج لحفظهما ودفع الضرر عنهما { او اراد بكم نفعاً } اى ومن يقدر على شئ من الضرران اراد بكم ما ينفعكم من حفظ اموالكم واهليكم فأى حاجة الى التخلف لاجل القيام بحفظهما { بل كان الله بما تعملون خبيرا } اى ليس الامر كما تقولون بل كان الله خبيرا بجميع ما تعملون من الأعمال التى من جملتها تخلفكم وما هو من مباديه فمن ترك امر الله ومتابعة رسوله وقعد طلبا للسلامة دخل فى الاية ثم لم يجد خلاصا من الضرر والبلاء فان الله تعالى قادر على ايصال المكروه ولو بغير صورة القتال فلا بد من الصدق والعمل بالاخلاص والتوكل على الله تعالى فان فيه الخلاص.

السابقالتالي
2 3