الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ ٱلْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ مِّنْهُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ ٱلْفَاسِقُونَ }

قوله { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ } الآية.

قال ابن عباس: هم الذين هاجروا من مكة إلى المدينة وقيل: هو خطاب لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم.

وقال عكرمة: نزلت في ابن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة وأبي بن كعب ومعاذ ابن جبل.

وقال الحسن وغيره: الخطاب لأمة سيدنا محمد عليه السلام كلهم وكانوا يقولون نحن آخرها وأكرمها على الله.

وعن الحسن أنه قال: معناها كنتم خير الناس للناس.

وقال أبو هريرة في معناها: خير الناس للناس يأتون بهم في السلاسل في أعماقهم حتى يدخلوا في الإسلام، وروي أن النبي عليه السلام قال " ألا إنكم وفيتم سبعين أمة أنتم آخرها وأكرمها على الله " وقال يوماً وهو مسند ظهره إلى الكعبة: " نحن نكمل يوم القيامة سبعين أمة نحن آخرها وخيرها ".

وقيل: كان زائدة، والمعنى أنتم خير أمة بمنزلة قوله:وَمَا جَعَلْنَا ٱلْقِبْلَةَ ٱلَّتِي كُنتَ عَلَيْهَآ } [البقرة: 143] أي: أنت عليها وبمنزلةأَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ ٱلْكَاذِبِينَ } [النمل: 27]، وقد ذكر هذا كله في مواضعه وفي بعضه اختلاف.

وقيل: المعنى كنتم في اللوح المحفوظ خير أمة، ومثله

وَٱذْكُرُوۤاْ إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً } [الأعراف: 86] أي إذ أنتم.

وقيل المعنى: كنتم خير أمة إذ كنتم تأمرون بالمعروف أي: إذا كان هذا حالكم فأنتم خير أمة.

ومعنى: { تَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ } تشهدون ألا إله إلا الله وتقرون بما أنزل الله وتنهون عن المنكر تقاتلون على ذلك.

والمنكر: هو التكذيب بمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به هذا قول ابن عباس. وأصل المعروف هو فعل كل ما كان مستحسناً جميلاً غير مستقبح.

قوله: { وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ ٱلْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ }

أي: لو صدق أهل التوراة والإنجيل بمحمد صلى الله عليه وسلم، وما جاء به لكان الإيمان خيراً في عاجل دنياهم وآجل آخرتهم { مِّنْهُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ } أي: منهم من يصدق بمحمد صلى الله عليه وسلم: مثل عبد الله بن سلام وغيره ممن آمن به { وَأَكْثَرُهُمُ ٱلْفَاسِقُونَ }: أي الخارجون عن الدين الذي في التوراة والإنجيل لأنهم كذبوا بما فيها من أمر النبي صلى الله عليه وسلم وبدلوا شريعتهم وغيروها.