الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَعَنَتِ ٱلْوُجُوهُ لِلْحَيِّ ٱلْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً }

قوله: { وَعَنَتِ ٱلْوُجُوهُ }: يُقال: عَنا يَعْنُو إذا ذَلَّ وخَضَع. وأَعْناه غيرُه أي: أذلَّه. ومنه العُنَاة جمع عانٍ. وهو الأسيرُ قال:
3320ـ فيا رُبَّ مَكْروبٍ كرَرْتُ وراءَه     وعانٍ فَكَكْتُ الغُلَّ عنه فَفَدَّاني
وقال أمية بن أبي الصلت:
3321ـ مَلِيكٌ على عَرْشِ السماء مُهَيْمِنٌ     لِعِزَّته تَعْنُوا الوجوهُ وتَسْجُد
وفي الحديث: " فإنَّهنَّ عَوانٍ ".

قوله: { وَقَدْ خَابَ } يجوز أَنْ تكونَ هذه الجملةُ مستأنفةً، وأن تكونَ حالاً، ويجوز أن تكونَ اعتراضاً. قال الزمخشري: " وقد خابَ وما بعده اعتراضٌ كقولك: خابوا وخَسِروا، وكلُّ مَنْ ظَلَم فهو خائبٌ خاسِرٌ " ، ومرادُه بالاعتراضِ هنا أنَّه خَصَّ الوجوهَ بوجوهِ العصاةِ حتى تكونَ الجملةُ قد دَخَلَتْ بين العُصاةِ وبين { وَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّالِحَاتِ } فهذا/ عنده قسيمُ " وعَنَتِ الوجوهُ " فلهذا كان اعتراضاً. وأمَّا ابنُ عطية فجعل الوجوهَ عامة، فلذلك جعل " وقد خابَ مَنْ حَمَل ظلماً " معادَلاً بقولِه: { وَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّالِحَاتِ } إلى آخره.