الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ ٱلنَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ ٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِ ٱللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً }

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: { لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ ٱلنَّاسِ }؛ أي لا خيرَ في كثيرٍ من أسرار قومِ طُعْمَةَ فيما يريدون بينَهم إلاّ نَجْوَى مَن أمرَ بصدقةٍ فتصدَّق بها، ويجوزُ أن يكون معنى { إلاّ مَنْ أمَرَ } الاستثناء ليس من الأوَّل على معنى (لكن) فيكون موضع { مَنْ أمَرَ } نصباً على الإضمار، والأوَّل موضعهُ خفضٌ.

وذهب الزجَّاج: (إلَى أنَّ النَّجْوَى فِي اللُّغَةِ: مَا تَفَرَّدَ بهِ الْجَمَاعَةُ وَالاثْنَانِ؛ سِرّاً كَانَ ذلِكَ أوْ ظَاهِراً). وقال: (مَعْنَى: نَجَوْتُ الشَّيْءَ إذا خَلَّصْتَهُ وَأفْرَدْتَهُ، وَنَجَوْتُ فُلاناً إذا اسْتَسَرْتُهُ).

قَوْلُهُ تَعَالَى: { أَوْ مَعْرُوفٍ } أي أوْ أمرٍ بمعروفٍ، ويسمى البرُّ كلهُ معروفاً، قال صلى الله عليه وسلم: " كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ، وَأَوَّلُ أهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولاً أهْلُ الْمَعْرُوفِ، وَصَنَائِعُ الْْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارعَ السُّوءِ "

قَوْلُهُ تَعَالَى: { أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ ٱلنَّاسِ } يعني الإصلاحَ بين المتخاصمين، وإصلاحَ ذاتِ البَيْنِ، قال صلى الله عليه وسلم: " " ألاَ أخْبرُكُمْ بأَفْضَلِ دَرَجَةٍ مِنَ الصَّلاَةِ وَالصَّدَقَةِ؟ " قَالُواْ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: " إصْلاَحُ ذاتِ الْبَيْنِ، وَفَسَادُ ذاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ، فَلاَ أقُولُ تَحْلِقُ الشَّعْرَ وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّيْنَ " ".

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ ٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِ ٱللَّهِ }؛ معناهُ: من يفعل ذلك البرِّ والصلاحَ والصدقةَ لطلب مَرْضَاةِ اللهِ تعالى، لا لِلرِّيَاءِ والسُّمعةِ، { فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ }؛ نُعْطِيْهِ؛ { أَجْراً عَظِيماً }؛ أي ثَوَاباً وَافِراً في الجنَّة.