الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ ٱلنَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ ٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِ ٱللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً }

قوله تعالى { لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ } وبخ الله سبحانه قوما ليس مجالستهم ونجواهم لله فكل مجالسة على غير ابتغاء وجه الله والشيطان يغريهم الى الغيبة والبهتان والنميمة والترهات اى لا خير فى كثير من هؤلاء فى نجواهم يعنى طعمه وقومه ثم استدرك ووصف اهل المجالسة لله الذين جلسوا لمحبته قاموا لشوقه واجتمعوا لعشقه وتفرقوا لطلب زيادة معرفته والمساكنة فى مجالس انسه بالخلوات فى الغلوات ثم وصفهم باحسن الوصف حيث آواهم الى كنف قربه وحجال انسه بقولهمَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلاَثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلاَ أَدْنَىٰ مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُواْ } ثم وصفهم على لسان نبيه وزاد شرفهم حيث قال عليه الصلاة والسلام فيما روى عن الله عز وجل: " وجبت محبتى للمتحابين فى والمتزاورين فى والمجالسين فى والمتباذلين فى " سبق في الازل محبته لهم فاوقعتهم تلك المحبة الازلية فى بحار محبته حتى استغرقوا فيها الا الاباد لا مخرج منا لهم بالنظر إلى سواه قال تعالى في وصفهميُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ } نجواهم جريان اسراره وجولان انفاسهم فى ميادين انواره فساعة تاهوا وساعة تحيروا روحهم بمروحة نسه وادخلهم فى قباب قدسه وسقاهم من شراب لطفه واسكرهم بجمال وجهه وحثهم الى مسامرته وذوق فهم طعم لطف مناجاته فاذا سكنوا من سطوات مشاهدة جلاله وافاقوا من سكر جماله لحظة احتالوا لزيادة محبته فى اخذهم طريق بذل المهجة لمحبته ورجعوا الى سنن المجاهدات وحقائق العبادات امر بعضهم بعضا ببدل الارواح والاشباح لشوقهم الى عالم الافراح وأمروا بالمعروف بحكمهم على النفوس الامارة بانابتها فى توفقة المجاهدة بنيران الرياضة ويراعى بعضهم بعضا بحسن النصيحة واداب الطريقة ويسالوا الله صلاح هذه الامة من كمال شفقتهم على عباد الله وبلاد الله وهم المستثنون بقوله تعالى { إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ ٱلنَّاسِ } وبين ان ذلك لزيادة رغبتهم فى مشاهدة الله وشوقهم الى جماله وهو تعالى وعدهم بتصاعيف زيادة كراماتهم ودرجاتهم بقوله تعالى { وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ ٱبْتَغَآءَ مَرْضَاتِ ٱللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً } قيل فى تفسيره الاخير فى الاجتماعات الا ما يعود نفعه عليك او على اهل مجلسك وقيل الا من امر تصدق بنفسه بمنعه عن اذى المسلمين وارتكاب المحارم { أَوْ مَعْرُوفٍ } قيل المعروف حث النفس على سبيل الرشاد.