الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ ٱللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّيۤ أُعَذِّبُهُ عَذَاباً لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِّنَ ٱلْعَالَمِينَ }

{ قال الله انى منزلها عليكم } اجابة الى سؤالكم { فمن يكفر بعد } اى بعد تنزيلها { منكم } حال من فاعل يكفر { فإنى أعذبه } بسبب كفره بعد معاينة هذه الآية الباهرة { عذابا } اسم مصدر بمعنى التعذيب اى تعذيبا { لا اعذبه } صفة لعذابا والضمير له اى اعذبه تعذيبا لا اعذب ذلك التعذيب اى مثل ذلك التعذيب { أحدا من العالمين } اى من عالمى زمانهم او من العالمين جميعا فانهم مسخوا قردة وخنازير ولم يعذب مثل ذلك غيرهم ـ روى ـ ان عيسى عليه السلام اغتسل ولبس المسح وصلى ركعتين فطأطأ رأسه وغض بصره ثم دعا فنزلت سفرة حمراء بين غمامتين وهم ينظرون حتى سقطت بين ايديهم فبكى عيسى عليه الصلاة والسلام وقال اللهم اجعلنى من الشاكرين اللهم اجعلها رحمة للعالمين ولا تجعلها مثلة وعقوبة ثم قام وتوضأ وصلى وبكى ثم كشف المنديل الذى عليها وقال بسم الله خير الرازقين فاذا سمكة مشوية بلا فلوس ولا شوكة يسيل دسمها وعند رأسها ملح وعند ذنبها خل وحولها من انواع البقول ما خلا الكراث واذا خمسة ارغفة على واحد منها زيتون وعلى الثانى عسل وعلى الثالث سمن وعلى الرابع جبن وعلى الخامس قديد فقال شمعون رأس الحواريين يا روح الله أمن طعام الدنيا ام من طعام الآخرة قال ليس منهما ولكنه اخترعه الله بقدرته كلوا ما سألتم واشكروا يمددكم الله ويزدكم من فضله فقالوا يا روح الله لو أريتنا من هذه الآية آية اخرى فقال يا سمكة احيى باذن الله فاضطربت ثم قال لها عودى كما كنت فعادت مشوية فلبث المائدة يوما واحدا فأكل من اكل منها ثم طارت ولم تنزل بعد ذلك اليوم وقيل كانت تأتيهم اربعين يوما غبا اى تنزل يوما ولا تنزل يوما يجتمع عليها الفقراء والاغنياء والصغار والكبار يأكلون حتى اذا فاء الفيىء طارت وهم ينظرون فى ظلها ولم يأكل منها فقير الا غنى مدة عمره ولا مريض الا برىء ولم يمرض ابدا ثم اوحى الله الى عيسى ان اجعل مائدتى فى الفقراء والمرضى دون الاغنياء الاصحاء فاضطرب الناس بذلك اى تعاظم على الاغنياء والاصحاء حتى شكوا وشككوا الناس فى شأن المائدة ونزولها من السماء حقيقة فمسخ منهم من مسخ فاصبحوا خنازير يسعون فى الطرقات والكناسات ويأكلون العذرة فى الحشوش فلما رأى الناس ذلك فزعوا الى عيسى وبكوا على الممسوخين فلما ابصرت الخنازير عيسى بكت وجعلت تطوف به وجعل يدعوهم باسمائهم واحدا بعد واحد فيبكون ويشيرون برؤسهم فلا يقدرون على الكلام فعاشوا ثلاثة ايام ثم هلكوا ولم يتوالدوا وكذلك كل ممسوخ. والاشارة ان الله تعالى سلخ صورة الانسانية عن حقائق صفات الحيوانية وألبسهم الصور من حقائق صفاتهم فمسخوا خنازير ليعتبر الخلق ويتحقق لهم ان الناس يحشرون على صور صفاتهم يوم تبلى السرائر يوم تبيض وجوه وتسود وجوه كما قال عليه السلام

السابقالتالي
2 3