الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ شَيْئاً وَأُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } * { مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَـٰذِهِ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ ٱللَّهُ وَلَـٰكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ }

ثم قال: { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ }. قال مقاتل: ذكر قبل هذا مؤمني أهل الكتاب، ثم ذكر كفار أهل الكتاب. وهو قوله: { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ... }. وأما الكلبي، فقال: هذا ابتداء. { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } لن تغني عنهم كثرة { أَمْوٰلُهُمْ وَلاَ } كثرة { أَوْلَـٰدُهُمْ مِّنَ } عذاب { ٱللَّهِ شَيْئاً }. وقال الضحاك: يعني اليهود والنصارى، وجميع الكفار، وكل من خالف دين الإسلام، وذلك أنهم تفاخروا بالأموال والأولاد، وقالوا: نحن أكثر أموالاً وأولاداً وما نحن بمعذَّبين. فأخبر الله تعالى: أن أموالهم وأولادهم لا تغني عنهم من عذاب الله شيئاً. { وَأُوْلـئِكَ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ } { مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هِـٰذِهِ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا }. قال الكلبي: يعني ما ينفقون في غير طاعة الله { كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ } أي برد شديد { أَصَابَتْ } الريح الباردة { حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ } بمنع حق الله تعالى منه. { فَأَهْلَكَتْهُ } يقول: أحرقته فلم ينتفعوا منه بشيء، فكذلك نفقة من أنفق في غير طاعة الله، لا (تنفعه) في الآخرة، كما لا ينفع هذا الزرع في الدنيا. وقال مقاتل: يعني نفقة السفلة على رؤساء اليهود. وقال الضحاك: مثل نفقة الكفار من أموالهم في أعيادهم، وعلى أضيافهم وما يعطي بعضهم بعضاً على الضلالة { كَمَثَلِ رِيحٍ } الآية. ثم قال { وَمَا ظَلَمَهُمُ ٱللَّهُ وَلَـٰكِنْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } يعني أصحاب الزرع هم ظلموا أنفسهم بمنع حق الله تعالى، فكذلك الكفار، أبطلوا ثواب أعمالهم بالشرك بالله تعالى.