الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ بَدِيعُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَإِذَا قَضَىٰ أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ }

القراءة: قرأ ابن عامر فيكون بالنصب والباقون بالرفع. الإِعراب والحجة: قال علي يمتنع النصب في قولـه فيكون لأن قولـه { كن } وإِن كان على لفظ الأمر فليس بأمر ولكن المراد به الخبر لأن المنفي الذي ليس بكائن لا يؤمر ولا يخاطب فالتقدير نُكون فيكون فاللفظ لفظ الأمر والمراد الخبر كقولـهم في التعجب أكرِم بزيد فإِذا لم يكن قولـه كن أمراً في المعنى وإِن كان على لفظه لم يجزأ أن ينصب الفعل بعد الفاء بأنه جواب كما لم يجز النصب في الفعل الذي يدخله الفاء بعد الإِيجاب نحو آتيك فأحدّثُك إِلا أن يكون في شعر نحو قولـه:
لَنَا هَضْبَةٌ لاَ يَنْزِلُ الذُّلُّ وَسْطَهَا   وَيَأوِي إِلَيْهَا المُسْتَجِيرُ فيُعْصَمَا
ويدلّ أيضاً على امتناع النصب فيه أن الجواب بالفاء مضارع الجزاء فلا يجوز ذاهب فيذهبَ على قياس قراءة ابن عامر كن فيكونَ لأن المعنى يصير إِن ذهبتَ وهذا الكلام لا يفيد وإِنما يفيد إِذا اختلف الفاعلان والفعلان نحو قم فأعطيك لأن المعنى إن قمت أعطيتك وإِذا كان الأمر على هذا لم يكن ما روي عنه من نصبه فيكونَ متجهاً ويمكن أن يقال فيه أن اللفظ لما كان على لفظ الأمر حمله على اللفظ كما حمل أبو الحسن في نحو قولـهقل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة } [إبراهيم: 31]على أنه أجري مجرى جواب الأمر وإِن لم يكن جواباً له على الحقيقة فالوجه في يكون الرفع على أن يكون معطوفاً على كن لأن المراد به نُكوّن فيكون أو يكون خبر مبتدأ محذوف كأنه قال فهو يكون. اللغة: البديع بمعنى المبدع كالسميع بمعنى المسمع وبينهما فرق من حيث إن في بديع مبالغة ليست في مبدع ويستحق الوصف به في غير حال الفعل على الحقيقة بمعنى أن من شأنه إِنشاء الأَشياء على غير مثال واحتذاء والابتداع والاختراع والإِنشاء نظائر وكل من أحدث شيئاً فقد أبدعه والاسم البدعة وفي الحديث: " كل بدعة ضلالة وكل ضلالة سبيلها إلى النار " والقضاء والحكم من النظائر وأصل القضاء الفصل وإِحكام الشيء قال أبو ذؤيب:
وَعَليهمَا مَسْرُُودتَانِ قَضَاهُمَا   دَاوُدُ أوْ صَنَعُ السَّوَابِغ تُبَّعُ
أي أَحكمهما ثم ينصرف على وجوه منها الأمر والوصية كقولـه تعالى:وقضى ربك ألا تعبدوا إِلا إِياه } [الإسراء: 23] أي وصى ربك وأمر ومنها أن يكون بمعنى الإخبار والإِعلام كقولـهوقضينا إلى بني إِسرائيل } [الإسراء: 4] أي أخبرناهم وقولـهوقضينا إِليه ذلك الأمر } [الحجر: 66] أي عهدنا إلى لوط ومنها أن يكون بمعنى الفراغ نحو قولـهفإِذا قضيتم مناسككم } [البقرة: 200] أي فرغتم من أمر المناسك وقولـهفإِذا قضيتم الصلاة } [النساء: 103] وفيما رواه علي بن موسى الرضا عن أبيه عن جده الصادق ع قال القضاء على عشرة أوجه ذكر فيه الوجوه الثلاثة التي ذكرناها.

السابقالتالي
2 3