الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ وَمِنَ ٱلأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ ٱلأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِّتَعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ ٱللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً }

قوله: { مِثْلَهُنَّ }: العامَّةُ بالنصب، وفيه وجهان، أحدُهما: أنه عطفٌ على " سَبْعَ سماواتٍ " قاله الزمخشري. واعترض الشيخُ بلزومِ الفَصْلِ بين حرفِ العطفِ، وهو على حرفٍ واحدٍ، وبين المعطوفِ بالجارِّ والمجرورِ، وهو مختصٌّ بالضرورةِ عند أبي عليّ. قلت: وهذا نظيرُ قولِه:آتِنَا فِي ٱلدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي ٱلآخِرَةِ حَسَنَةً } [البقرة: 201] عند ابنِ مالك، وقد تقدَّم تحريرُ هذا الخلافِ في البقرة والنساء وهود عند قولِه:وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ ٱلنَّاسِ } [النساء: 58]،وَمِن وَرَآءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ } [هود: 71].

والثاني: أنه منصوبٌ بمقدَّر بعد الواوِ، أي: وخَلَق مثلَهُنَّ من الأرضِ. واختلف الناس في المِثْلِيَّة، فقيل: مِثْلُها في العدد. وقيل: في بعض الأوصاف فإنَّ المِثْلِيَّةَ تَصْدُقُ بذلك، والأول هو المشهورُ. وقرأ عاصم في رواية " مثلُهُنَّ " بالرفع على الابتداء والجارُّ قبلَه خبرُه.

قوله { يَتَنَزَّلُ } يجوزُ أَنْ يكونَ مستأنفاً، وأن يكونَ نعتاً لِما قبله، وقاله أبو البقاء. وقرأ أبو عمروٍ في روايةٍ وعيسى " يُنَزِّل " بالتشديد، أي: الله، " الأمر " مفعولٌ به، والضميرُ في " بينهنَّ " عائد على السماوات والأرضين عند الجمهور، أو على السماوات والأرض عند مَنْ يقولُ: إنها أرضٌ واحد.

قوله: { لِّتَعْلَمُوۤاْ } متعلقٌ بـ " خَلَقَ " أو بـ " يَتنزَّل " والعامَّةُ " لتعلَموا " خطاباً، وبعضُهم بياء الغَيْبة.