الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَنْ تَرْضَىٰ عَنكَ ٱلْيَهُودُ وَلاَ ٱلنَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ هُوَ ٱلْهُدَىٰ وَلَئِنِ ٱتَّبَعْتَ أَهْوَآءَهُمْ بَعْدَ ٱلَّذِي جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ }

{ وَلَنْ تَرْضَىٰ عَنكَ ٱلْيَهُودُ وَلاَ ٱلنَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ } أي: لأنهم يريدون أن يكونوا متبوعين على الإطلاق، وفيه مبالغة في الإقناط من إسلامهم، وتنبيه على أنه - لا يرضيهم إلا ما لا يجوز ووقوعه منه، عليه السلام { قُلْ } لا يتبع رسولٌ إلا الهدى { إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ } أي: الذي هو الإسلام { هُوَ ٱلْهُدَىٰ } أي: فليس وراءه هدى، وما تدعون إليه ليس يهدى، بل هو هوى. كما يعرب عنه قوله: { وَلَئِنِ ٱتَّبَعْتَ أَهْوَآءَهُمْ } أي: آراءهم الزائغة الصادرة عنهم بقضية شهوات أنفسهم { بَعْدَ ٱلَّذِي جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ } بأن دين الله هو الإسلام، أو من الدين المعلوم صحته بالبراهين الواضحة { مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ } يلي أمرك { وَلاَ نَصِيرٍ } يدفع عنك عقابه. وإنما أُوثِر خطابه صلى الله عليه وسلم ليدخل دخولاً أوليّاً من اتبع أهواءهم بعد الإسلام من المنافقين تمسكاً بولايتهم، طمعاً في نصرتهم.

قال الإمام الرازي: في الآية دلالة على أن اتباع الهوى لا يكون إلا باطلاً، فمن هذا الوجه تدل على بطلان التقليد. انتهى.

وفي فتح البيان ما نصه: وفي هذه الآية من الوعيد الشديد الذي ترجف له القلوب وتنصدع منه الأفئدة، ما يوجب على أهل العلم الحاملين لحجج الله سبحانه، والقائمين ببيان شرائعه - ترك الدهان لتاركي العلم بالكتاب والسنة، المُؤْثرين لمحض الرأي عليهما. انتهى.