الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَنْ تَرْضَىٰ عَنكَ ٱلْيَهُودُ وَلاَ ٱلنَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ هُوَ ٱلْهُدَىٰ وَلَئِنِ ٱتَّبَعْتَ أَهْوَآءَهُمْ بَعْدَ ٱلَّذِي جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ }

{ ولَنْ تَرضَى عَنكَ اليهودُ ولا النَّصارَى حتَّى تتَّبع مِلتَهُم } إقناط من الله لرسوله، صلى الله عليه وسلم، عن إسلامهم، إذ علق إسلامهم بما لا يكون منهُ، صلى الله عليه وسلم، وهو اتباع ملتهم، ولا يتصور أن يدعوهم للإسلام ويخرج منهُ، ولا أن يكون على دينهم وعلى دين الإسلام بمرة، وعبر برضاهم عنه، صلى الله عليه وسلم، عن إسلامهم، لأنه يلزم من اتباع دين أحد الرضا عنه من جهة دينه، ومن الرضا عنه من جهة دينه اتباع دينه فى الجملة، ويحتمل تقدير مضاف، أى لن ترضى عن دينك، وذلك أنهم قالوا ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم. وذكر بعض العلماء أنهم كانوا يطلبون الهدنة من النبى، صلى الله عليه وسلم، ويقولون إن هادنتنا وأمهلتنا اتبعناك، فطمع، صلى الله عليه وسلم، فى إسلامهم، فمال أن يهادنهم ويمهلهم، فأخبره الله ـ جل وعلا ـ بأنهم كاذبون لا يسلمون، ولو هادنتهم وأمهلتهم، ولا يرضون عنك إلا إن اتبعت ملتهم وهى دينهم الباطل. وعن ابن عباس رضى الله عنهما كان يهود المدينة ونصارى نجران يرجون منه، صلى الله عليه وسلم، حين كان يصلى إلى بيت المقدس أن يتبع ملتهم، فلما صرفه الله ـ جل وعلا ـ إلى الكعبة أيسوا أن يوافقهم على ملتهم العوجاء، منزل { ولن ترى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم } أى انقطع طمعهم، واقتصروا على أن يتبع ملتهم صراحاً، والضمير فى ملتهم عائد إلى اليهود والنصارى، وأفرد الملة لأنهم جميعاً على ملة كفر، فملتهم واحدة فى الكفر، ولو اختلفت بعض اختلاف، أو لإرادة الجنس الصادق بملة اليهود وملة النصارى، أو يقدر لأحد الفريقين فى الملة المذكورة لأحدهما، ويقدر للآخر فهى للنصارى، فتقدر لليهود، أى ولن ترضى عنك اليهود حتى تتبع ملتهم، ولا النصارى حتى تتبع ملتهم، وهى لليهود فتقدر للنصارى، وعلى هذا فأصل الكلام ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم. فالملة الأولى لليهود، والثانية للنصارى، حذفت الثانية لئلا تتكرر. { قُلْ } يا محمد. { إنّ هُدَى اللهِ } وهو الإسلام. { هو الهدى } أى هو الذى صح لهُ أن يسمى هُدى، وأما غيره فلا يصح أن يسمى هُدى كما يفيد الحصر بتعريف ركنى الإسناد، لأن هداه إلى الحق، ودعواكم إلى الباطل، وذلك تعليم من الله تعالى لنبيه الجواب عن قولهم لا نؤمن بك إلا إن اتَّبعتَ ديننا. { ولئن اتَّبعتَ } يا محمد. { أهْواءهُم } أى أهواء اليهود والنصارى فيما يرضيهم عنك، وهى اتباع أقوالهم وأفعالهم الباطلة التى يسمونها دينا. والملة ما شرع الله لعباده على لسان نبى. من أمللت الكتاب، أو من أمليته على، وهكذا قلبت الياء بعد اللام لاما أخرى، فكان المبطلون يسمون أهواءهم ملة كذبا على الله.

السابقالتالي
2