الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَٰهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي ٱلنَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي ٱلظُّلُمَٰتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَٰفِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }

قوله تعالى: { أَوَ مَن كَانَ }: " أو مَنْ كان " قد تقدَّم أن هذه الهمزة يجوز أن تكونَ مقدَّمةً على حرفِ العطف وهو رأي الجمهور، وأن تكونَ على حالها وبينها وبين الواو فعل مضمر. و " مَنْ " في محلِّ رفع بالابتداء و " كمَنْ " خبره وهي موصولة، و " يمشي " في محلِّ نصب صفةً لـ " نوراً " و " مَثَلُه " مبتدأ، وفي الظلمات خبره/ والجملةُ صلةُ " مَنْ " و " مَنْ " مجرورة بالكاف والكافُ ومجرورها كما تقدَّم في محل رفع خبراً لـ مَنْ الأولى، و " ليس بخارج " في محلِّ نصب على الحال من الموصول أي: مثل الذي استقر في الظلمات حال كونه مقيماً فيها. وقال أبو البقاء: " ليس بخارجٍ في موضع الحال من الضمير في " منها " ، ولا يجوز أن يكون حالاً من الهاء في " مَثَلُه " للفصل بينه وبين الحال بالخبر ". وجعل مكي الجملة حالاً من الضمير المستكنِّ في " الظلمات ". وقرأ طلحة بن مصرف " أَفَمَنْ كان " بالفاء بدل الواو.

قوله: { كَذَلِكَ زُيِّنَ } نعتٌ لمصدر فقدَّره بعضهم: زُيِّن للكافرين تزييناً كما أحيينا المؤمنين، وقدَّره آخرون: زُيّن للكافرين تزييناً لكونِ الكافرين في ظلمات مقيمين فيها، والفاعل المحذوف مِنْ " زُيِّن " المنوبُ عنه هو الله تعالى، ويجوز أن يكون الشيطان، وقد صَرَّح بكل من الفاعلين مع لفظ " زَيَّن " قال تعالى:زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ } [النمل: 4] وقال تعالى:وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ } [العنكبوت: 38] و { مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } هو القائمُ مقامَ الفاعل، و " ما " يجوز أن تكون موصولة اسميةً أو حرفيةً أو نكرة موصوفة، والعائد على القول الأول والثالث محذوف دون الثاني عند الجمهور، على ما عُرِفَ غيرَ مرة. وقال الزجاج: " موضع الكاف رفعٌ، و المعنى: مثل ذلك الذي قَصَصْنا عليك زُيِّن للكافرين أعمالهم ".