الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلِلَّهِ غَيْبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ ٱلأَمْرُ كُلُّهُ فَٱعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }

{ ولله } اللام للاختصاص { غيب السموات والارض } الغيب فى الاصل مصدر واضافة المصدر من صيغ العموم والاضافة بمعنى فى اى يختص به علم ما غاب فيهما عن العباد وخفى عليهم علمه فكيف يخفى عليه اعمالكم { واليه } تعالى وحده { يرجع الامر كله } بضم الياء وفتح الجيم بمعنى يرد وبفتح الياء وكسر الجيم بمعنى يعود عواقب الامور كلها يوم القيامة فيرجع امرك يا محمد وامر الكفار اليه فينتقم لك منهم { فاعبده } اى اطعه واستقم على التوحيد { وتوكل عليه } فوض اليه جميع امورك فانه كافيك وعاصمك من شرهم فعليك تبليغ ما اوحينا اليك بقلب فسيح غير مبال بعداوتهم وعتوهم وسفههم وفى تأخير الامر بالتوكل على الامر بالعبادة اشعار بانه لا ينفع بدونها { وما ربك بغافل عما تعملون } وكل عمل تعمله انت وهم اى الكفار فالله تعالى عالم به غير غافل عنه لان الغفلة والسهو لا يجوزان على من لا يخفى عليه شيء فى السماوات والارض فيجاوى كل منك ومنهم بموجب الاستحقاق وعن كعب الاحبار ان فاتحة التوراة سورة الانعام وخاتمتها هذه الآية وهى { ولله غيب السموات والارض } الخ اعلم ان علم الغيوب بالذات مختص بالله تعالى واما اخبار الانبياء والاولياء صلوات الله عليهم اجمعين فبواسطة الوحدة والالهام وتعليم الله تعالى. ومن هذا القبيل اخباره عليه السلام عن حال العشرة المبشرة. وكذا عن حال بعض الناس. وعن محمد بن كعب انه قال قال رسول الله صلى الله عليه " ان اول من يدخل من هذا الباب رجل من اهل الجنة " فدخل عبد الله ابن سلام فقام اليه الناس من اصحاب رسول الله فاخبروه بذلك قالوا لو اخبرتنا باوثق عمل ترجو به فقال انى ضعيف ومن اوثق ما ارجو به سلامة الصدر وترك ما لا يعنى. " وكذا اخباره عليه السلام عن اشراط الساعة وما يظهر فى آخر الزمان من غلبة البدع والهوى واماتة الصلاة واتباع الشهوات وعن سيد الطائفة جنيد البغدادى رحمه الله قال قال لى خالى سرى السقطى تكلم على الناس وكنت اتهم نفسى فى استحقاق ذلك ورأيت النبى عليه السلام وكان ليلة الجمعة فقال تكلم على الناس فانتبهت واتيت بابه العامى فقال لم تصدقنا حتى قيل لك فقعدت من غد للناس اى بطريق العظة والتذكير فقعد على غلام نصرانى متنكرا وقال ايها الشيخ ما معنى قوله عليه السلام " اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله " قال فاطرقت رأسى ورفعت فقلت اسلم فقد حان وقت اسلامك فاسلم الغلام فمثل هذا العلم والوقوف على احوال الناس لا يحصل الا باخبار الله تعالى والا فكل ولى متحير فى امره وامر غيره كما قال المولى الجامى

السابقالتالي
2