الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَقَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَونَ أَتَذَرُ مُوسَىٰ وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَآءَهُمْ وَنَسْتَحْيِـي نِسَآءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ }

{ وَقَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَونَ } أي: خوفاً من انقلاب الخلائق عليهم حين رأوا السحرة جاهروا بالإسلام، ولم يبالوا بالتوعد. { أَتَذَرُ } أي: أتترك { مُوسَىٰ وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ } أي: في أرض مملكتك بتغيير الناس عنك { وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ } الآلهة جمع (إله)، بمعنى المعبود، وكان للمصريين آلهة كثيرة، منها المسمى (أوسيرس)، وكانوا يعتقدون أن روحه توجد في الثور المسمى (أبيس)، فيعبدونه أيضاً، ويعبدون كثيراً من الحيوانات، وكانوا يعبدون الظلام أيضاً، ويعبدون (بَعْلَزَ بوب) صنم (عقرون) يعتقدون أن وظيفته طرد الذبان. وبالجملة فقد فاقوا كل سواهم في الضلال، فكانوا يسجدون للشمس والقمر والنجوم والأشخاص البشرية والحيوانات، حتى الهوامّ وأدنى حشرات الأرض. هكذا حكى عنهم بعض المدققين.

وقد ذكر الشهرستاني في (الملل والنحل) أن فرعون كان أول أمره على مذهب الصابئة، ثم انحرف عن ذلك، وادعى لنفسه الربوبية، إذ رأى في نفسه قوة الإستعمال والإستخدام. انتهى. وتقدم في سورة البقرة بيان مذهب الصابئة. فتذكر.

وقال بعضهم: إن كلمة (الآلهة) لفظة اصطلاحية عند العبرانيين، يراد بها القضاة والحكام الذين يقضون بأمر الله، وأنها لو حملت على هذا ههنا، لم يبعد، ويكون المعنى: ويذرك وقضاتك وذوي أمرك، ويكون الغرض من ذكرهم معه تهويل الأمر، وإلهاب قلب فرعون على موسى، وإثارة غضبه. وقد صرح غير واحد بوقوع ألفاظ من غير العربية في القرآن، كما نقله السيوطي في النوع الثامن والثلاثين من (الإتقان) - انتهى - والأظهر ما قدمناه أولاً. { قَالَ سَنُقَتِّلُ } قرئ بالتخفيف والتشديد { أَبْنَآءَهُمْ } المولودين { وَنَسْتَحْيِـي } أي: نستبقي { نِسَآءَهُمْ } أي: للاستخدام { وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ } أي: بالغلبة والقدرة عليهم، ففعلوا بهم ذلك، فشكا بنو إسرائيل.