الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي ٱلنِّسَآءِ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فِي ٱلْكِتَٰبِ فِي يَتَٰمَى ٱلنِّسَآءِ ٱلَّٰتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ وَٱلْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ ٱلْوِلْدَٰنِ وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَٰمَىٰ بِٱلْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً }

{ وَيَسْتَفْتُونَكَ فِى النِّسَاءِ } فى ميراث النساء، وذلك أن " عيينة بن حصن أتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال أخبرنا أنك تعطى الابنة النصف، والأخت النصف، وإنا كنا نورث من يشهد القتال، ويحوز الغنيمة، فقال عليه الصلاة والسلام " بذلك أمرت " فنزلت الآية، وانما جمع مع ان السائل واحد، لأنه ووفق على السؤال، بأن حضر معه بعض قومه أو غيرهم، وقد أحبوا سؤاله، هذا ما ظهر لى. ثم رأيت الشيخ هود والحمد لله قال عن الكلبى كانوا لا يعطون الميراث الا من قاتل الأقوام، وحاز الغنيمة، وكانوا لا يورثون الجارية، وكانوا يرون ذلك فى دينهم حسنا، فلما أنزل الله فرائض الميراث وجدوا من ذلك وجدا شديدا، فقال عيينة بن حصن لرهط من قومه " انطلقوا بنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم نذكر له فلعله يدعه الى غيره، فأتوه فقالوا يا رسول الله أتعطى الجارية نصف ما ترك أبوها وأخوها، ويعطى الصبى الميراث كله، وتعطى المرأة الربع والثمن، وليس من هؤلاء أحد يركب الفرس ولا يحوز الغنيمة، ولا يقاتل أحدا؟ فقال نعم بذلك أمرت ". { قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ } يبين لكم ما أبهم من شأنهن، فان الاستفتاء طلب الافتاء، والافتاء تبيين المبهم. { وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِى الكِتَابِ } عطف على لفظ الجلالة، فان الله أفنى بتنزيل الأحكام فى القرآن، والقرآن وهو المراد بالكتاب أفتى مجازا، لأن فيه ذكر الأحكام، ولكون المفتى فى الحقيقة الله، والقرآن انما هو محل الأحكام أفرد ضمير يفتى، ولم يقل بفتياتكم، ومع أن لفظ ما معطوف على لفظ الجلالة وأولى من ذلك عطف ما على المستتر فى يفتى لوجود الفصل، وفتوى الله وما يتلى واحدة، لكن عددت باعتبار تحقيقها لله، وكون ما يتلى محلا لها، تقول أغنانى الملك وعطاؤه. وان جعلنا ما مبتدأ، وفى الكتاب خبره كان افتاء واحد، أى وما يتلى من الافتاء الموعود به ثابت فى القرآن، ويجوز أن يحذف جوازا أى مذكور فيه، والذى أفتى الله به وتلى علينا فى القرآن هو آيات الميراث المذكورات أول السورة، فالمضارعان بمعنى الماضى لتنزيل الماضى منزلة حاضر مشاهد، أو المضارع للحال باعتبار أن الانزال ولو مضى لكن استتم الحكم، فكان كنزول فى الحال، ويجوز أن يراد بالكتاب اللوح المحفوظ، فتكون يتلى للحال المستمر الشامل لمسألة الافتاء وغيره، لأن جملة الشىء الذى مضى بعضه، وحضر بعضه، أو بقى أيضا بعض بعد الحاضر اذا اعتبر مجموعا صح التعبير فيه بصيغة الحال، تقول زيد يصلى، وأنت تريد أنه فى الصلاة، ومضى بعضها، ويجوز أن يكون ما مفعولا لمحذوف، أى ويبين لكم ما يتلى عليكم فى الكتاب، ويجوز أن يكون الواو للقسم، ولا يصح أن يكون عاطفة على الهاء، لأن الهاء ضمير متصل مجرور، ولم يعد الخافض، ولأن الافتاء فى شأنهن فيفضى العطف على من أن يكون الافتاء فى شأن ما يتلى لا فى نفس ما يتلى.

السابقالتالي
2 3