الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَىٰ ٱلأَرَائِكِ لاَ يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلاَ زَمْهَرِيراً }

قوله: { مُّتَّكِئِينَ }: حال مِنْ مفعول " جَزاهم ".

وقرأ علي رضي الله عنه " وجازاهم " وجوَّز أبو البقاء أَنْ يكونَ " مُتَّكئين " صفةً لـ " جَنَّةً ".وهذا لا يجوزُ عند البَصْريين؛ لأنَّه كان يلزَم بروزُ الضميرِ فيقال: مُتَّكئين هم فيها، لجريانِ الصفةِ على غير مَنْ هي له. وقد مَنَعَ مكي أن يكونَ " مُتَّكئين " صفةً لـ " جنةً " لِما ذكرْتُه مِنْ عَدَمِ بُروزِ الضمير. وممَّنْ ذَهَبَ إلى كونِ " مُتَّكئين " صفةً لـ " جَنَّةً " الزمخشريُّ فإنه قال: " ويجوزُ أَنْ تكونَ " مُتَّكئين ". و " لا يَرَوْن " و " دانيةً " كلُّها صفاتٍ لـ " جنةٌ " وهو مردودٌ بما ذكرْتُه. ولا يجوزُ أَنْ يكونُ " مُتَّكئين " حالاً مِنْ فاعل " صَبَروا "؛ لأنَّ الصَّبْرَ كان في الدنيا واتِّكاءَهم إنما هو في الآخرة، قال معناه مكي. ولقائلٍ أَنْ يقول: إن لم يكنِ المانعُ إلاَّ هذا فاجْعَلْها حالاً مقدرةً؛ لأن مآلهم ـ بسبب صَبْرهم ـ إلى هذه الحالِ. وله نظائرُ.

وقوله: { إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ } إمَّا على إضمارِ القولِ أي: قائلين ذلك. وقرأ أبو جعفر " فَوَقَّاهم " بتشديد القافِ على المبالغةِ.

قوله: { لاَ يَرَوْنَ فِيهَا } فيه أوجهٌ، أحدها: أنَّها حالٌ ثانيةٌ مِنْ مَفْعولِ " جزاهم ". الثاني: أنها حالٌ من الضميرِ المرفوعِ المستكنِّ في " مُتَّكئين " ، فتكونُ حالاً متداخلةً. الثالث: أَنْ تكونَ صفةً لـ جنة كمتَّكئين عند مَنْ يرى ذلك وقد تقدَّم أنه قولُ الزمخشريِّ.

والزَّمْهَرير: أشدُّ البردِ. هذا هو المعروفُ. وقال ثعلب: هو القمرُ بلغة طيِّىء وأنشد:
4447ـ في ليلةٍ ظلامُها قد اعتكَرْ   قَطَعْتُها والزَّمْهريرُ ما زَهَرْ
والمعنى: أنَّ الجنةَ لا تحتاجُ إلى شمسٍ ولا إلى قمرٍ ووزنُه فَعْلَلِيل.