الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يَٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَىٰ أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا وَشَهِدُواْ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ }

قوله تعالى: { أَلَمْ يَأْتِكُمْ } وقرأ الحسن: " تأتكم " بالتاء.

{ رُسُلٌ مِّنْكُمْ } تعلق الضحاك بظاهر الآية فقال: إن الله يبعث إلى الجن رسلاً منهم كما بعث إلى الإنس، وإليه ذهب مقاتل وأبو سليمان. وهو الذي تقتضيه الحكمة الإلهية، لأن الجنس بالجنس آنس، وإليه أميل.

وقال مجاهد: الرّسل من الإنس، والنُّذُر من الجن، وهم قوم يسمعون كلام الرسل فيبلغون الجن ما سمعوا وينذرونهم، كما قال الله تعالى:وَإِذْ صَرَفْنَآ إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ ٱلْجِنِّ } [الأحقاف: 29].

وقال آخرون -منهم ابن جريج والزجّاج-: الرسل من الإنس خاصة، وإنما قال: " رسل منكم " لأنه لما جمع الإنس والجن في الخطاب صحّ ذلك، وإن كان من أحدهما؛ كقوله:يَخْرُجُ مِنْهُمَا ٱلُّلؤْلُؤُ وَٱلمَرْجَانُ } [الرحمن: 22]، وإنما يخرج من المِلْح وحده.

ولا خلاف بين أهل العلم أن محمداً بُعث إلى الإنس والجن.

أخرج الإمام أحمد في المسند، عن الأعمش، عن مجاهد في قوله: " بُعِثْتُ إِلَى الأَحْمَرِ وَالأَسْوَدِ. قَالَ: الأَحْمَرَ: الإِنْسُ، وَالأَسْوَدَ: الْجِنُّ ".

وقال ابن عباس: كانت الرسل تُبعثُ إلى الإنس خاصة، ورسول الله بُعث إلى الإنس والجن.

قوله تعالى: { يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي } أي: يقرؤون عليكم كتبي، { وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا } أي: يُخوّفونكم بيوم القيامة، { قَالُواْ شَهِدْنَا } أي: أقررنا { عَلَىٰ أَنْفُسِنَا } أو شهد بعضنا على بعض بإنذار الرسل.

ثم أخبر الله تعالى عن حالهم فقال: { وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا وَشَهِدُواْ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ }.

قال مقاتل: حين شهدت عليهم جوارحهم بالشرك والكفر.