الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ ذٰلِكَ أَن لَّمْ يَكُنْ رَّبُّكَ مُهْلِكَ ٱلْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَٰفِلُونَ } * { وَلِكُلٍّ دَرَجَٰتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ وَمَا رَبُّكَ بِغَٰفِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ }

قوله: { ذٰلِكَ أَن لَّمْ يَكُنْ رَّبُّكَ (مُهْلِكَ) ٱلْقُرَىٰ (بِظُلْمٍ) } إلى { (يَعْمَلُونَ) } [الآيتان].

{ ذٰلِكَ } في موضع رفع على معنى: الأمر ذلك، هذا مذهب سيبويه. وهو عند الفراء في موضع نصب، (المعنى: فعل) ذلك.

والمعنى: لم يكن ربك - يا محمد - مهلك القرى بشرك من أشرك وأهل القرى غافلون عن شرك من أشرك، فمعنى { بِظُلْمٍ }: بشرك قوم آخرين فيهم، وهذا مِثْلُ:وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ } [فاطر: 18].

وقيل: المعنى: لم يكن الله يعاجل قوماً بالعقوبة قبل أن يرسل إليهم الرسل، ولم يكن بالذي يأخذهم غفلة، [فيقولوا]: ما جاءنا من بشير ولا نذير، فيظلمهم.

وقوله: { وَلِكُلٍّ دَرَجَٰتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ } أي: ولكل عامل - في طاعة أو معصية - منازل ومراتب يبلغه الله إياها، إن خيراً فخيراً وإن شراً (فشراً) وليس الله بغافلٍ عما يعملون.

وروي عن النبي أنه قال: " الدَّرجةُ في الجنَّةِ فوقَ الدرجةِ كما بين السماءِ والأرض، وَإِنَّ العَبْدَ - من أهلِ الجنةِ - لَيَرْفَعُ بصرَهُ فَيَلْمَع له برقٌ يكاد يَخطَف بصرَهُ، فيقول: ما هَذا؟ فيقال له: هذا نورُ أخيكَ فلان. فيقول: أخي فلان!، كنا في الدُّنيا نعمَلُ جميعاً، وقد فُضِّلَ عَليَّ هَكذا! فيُقالُ: إِنَّهُ أفضلُ منكَ عملاً. ثم يُجْعَلُ في قلبِه الرِضى فَيَرْضى بمنزلتِهِ ".