قوله: { وَإِذَا لَقُواْ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } الآية. أصل " لَقُوا ": " لقيُوا " ، فألقيت حركة الياء على القاف، وحذفت الياء لسكونها وسكون الواو بعدها. [وهذه] صفة المنافقين يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر. قوله: { وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ }. يعني أصحابهم، وقيل: رؤساؤهم في الكفر قال الله:{ شَيَٰطِينَ ٱلإِنْسِ } [الأنعام: 112] فسمى أهل الفسق من الإنس شياطين. وقيل: الشياطين هنا الكهان. وقيل: هم الكفار والمنافقون إذا لقوهم قالوا: { إِنَّا مَعَكُمْ } أي على دينكم. و " إلى " بمعنى " مع " ، كما قال:{ وَلاَ تَأْكُلُوۤاْ أَمْوَالَهُمْ إِلَىٰ أَمْوَالِكُمْ } [النساء: 2]، أي مع أموالكم. وقيل: إلى على بابها. [والعرب] تقول: " خلوت به " ، و " خلوت إليه ومعه " ، لكن الباء يجوز أن تدل على أن معنى " خلوت به " من السخرية و " إلى " لا تدل إلا على " خلوت إليه " في أمر ما. والآية ليست / على معنى السخرية، فلذلك لم يأت بالباء لما فيها من الإشكال إذ هي تحتمل معنى " إلى " ، وتحتمل السخرية. وأيضاً فإن معنى " إلى " أنه على معنى: [وإذا صرفوا] إلى شياطينهم / قالوا: إنا معكم، أي على دينكم [فالجالب لِـ إلى " ] الانصراف الذي دل عليه الكلام، والباء لا تدخل مع الانصراف الذي دل عليه الكلام، فلذلك أيضاً لم تدخل مع " خلوا ". وفي اشتقاق " شيطان " قولان: - قيل: هو فعلان من " شيط " فلا ينصرف إذا سميت به في المعرفة للتعريف والزيادتين كعثمان، وينصرف في النكرة، وذلك المستعمل فيه في الكلام والقرآن. أعني النكرة على أنه واحد من جنسه كَسِرْحَان اسم واحد " الذِّئَاب ". - وقيل: هو (فَيْعَال) من الشطن وهو الحبل، فيكون معناه أنه ممتد في الشر، ومنه " بِئْر شَطُونٌ " ، إذا كانت بعيدة الاستقاء. وهو عند القتبي فَيْعال " من شطن " أي بَعُدَ من الخير يقال: " شطنت داره " ، أي بعدت. فهو ينصرف على هذين القولين في المعرفة والنكرة. وتصغيره على القول الأول في المعرفة شيطان، ولا يجمع على شياطين إلا أن تجعله نكرة فيجمع على شياطين. " كسرحان، وسراحين، ووزنه فعالين على مذهب من جعله مِنْ " شَيَّطَ " ووزنه (فياعيل) على مذهب من جعله من " شطن " وتصغيره على القولين الآخرين " شييطين " في المعرفة والنكرة. قوله: { إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ }. أي نستهزئ بالمؤمنين في قولنا / لهم: " آمنا ". وهمزة " مستهزئون " يجوز في تخفيفها وجهان: أحدهما: أن تجعلها بين الهمزة المضمومة والواو الساكنة، وهو قول سيبويه. والوجه الثاني: أن تجعلها بين الهمزة المضمومة والياء الساكنة لأجل انكسار ما قبلها وهو قول الأخفش. وحكى بدلها بياء مضمومة وليس بقياس.