الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَوَصَّيْنَا ٱلإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ ٱشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ ٱلْمَصِيرُ }

{ وَوَصَّيْنَا ٱلإِنسَـٰنَ بِوٰلِدَيْهِ } الخ كلام مستأنف اعترض به على نهج الاستطراد في أثناء وصية لقمان تأكيداً لما فيه من النهي عن الإشراك فهو من كلام الله عز وجل لم يقله سبحانه للقمان، وقيل: هو من كلامه تعالى قاله جل وعلا وكأنه قيل: قلنا له اشكر وقلنا له وصينا الإنسان الخ، وفي «البحر» لما بين لقمان لابنه إن الشرك ظلم ونهاه عنه كان ذلك حثاً على طاعة الله تعالى ثم بين أن الطاعة أيضاً تكون للأبوين وبين السبب في ذلك فهو من كلام لقمان مما وصى به ابنه أخبر الله تعالى عنه بذلك، وكلا القولين كما ترى، والمعنى وأمرنا الإنسان برعاية والديه.

{ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً } أي ضعفاً { عَلَىٰ وَهْنٍ } أي ضعف، والمصدر حال من { أُمُّهُ } بتقدير مضاف أي ذات وهن؛ وجوز جعله نفسه حالاً مبالغة لكنه مخالف للقياس إذ القياس في الحال كونه مشتقاً، ويجوز أن يكون مفعولاً مطلقاً لفعل مقدر أي تهن وهناً، والجملة حال من { أُمُّهُ } أيضاً. وأياً ما كان فالمراد تضعف ضعفاً متزايداً بازدياد ثقل الحمل إلى مدة الطلق، وقيل: ضعفاً متتابعاً وهو ضعف الحمل وضعف الطلق وضعف النفاس، وجوز أن يكون حالاً من الضمير المنصوب في { حَمَلَتْهُ } العائد على { ٱلإِنسَـٰنَ } وهو الذي يقتضيه ما أخرجه ابن جرير وابن أبـي حاتم عن مجاهد أنه قال: { وَهْناً } الولد { عَلَىٰ وَهْنٍ } الوالدة وضعفها، والمراد أنه حملته حال كونه ضعيفاً على ضعيف مثله، وليس المراد أنها حملته حال كونه متزايد الضعف ليقال إن ضعفه لا يتزايد بل ينقص.

وقرأ عيسى الثقفي وأبو عمرو في رواية { وَهْناً عَلَىٰ وَهْنٍ } بفتح الهاء فيهما فاحتمل أن يكون من باب تحريك العين إذا كانت حرف حلق كالشعر والشعر على القياس المطرد عند الكوفي كما ذهب إليه ابن جني، وأن يكون مصدر وهن بكسر الهاء يوهن بفتحها فإن مصدره جاء كذلك وهذا كما يقال تعب يتعب تعباً كما قيل: وكلام صاحب «القاموس» ظاهر في عدم / اختصاص أحد المصدرين بأحد الفعلين قال: الوهن الضعف في العمل ويحرك والفعل كوعد وورث وكرم.

{ وَفِصَـٰلُهُ } أي فطامه وترك إرضاعه. وقرأ الحسن وأبو رجاء وقتادة والجحدري ويعقوب { وفصـله } وهو أعم من الفصال، والفصال هٰهنا أوقع من الفصل لأنه موقع يختص بالرضاع وإن رجعا إلى أصل واحد على ما قال الطيبـي { فِى عَامَيْنِ } أي في انقضاء عامين أي في أول زمان انقضائهما، وظاهر الآية أن مدة الرضاع عامان وإلى ذلك ذهب الإمام الشافعي والإمام أحمد وأبو يوسف ومحمد، وهو مختار الطحاوي وروى عن مالك، وذهب الإمام أبو حنيفة إلى أن مدة الرضاع الذي يتعلق به التحريم ثلاثون شهراً لقوله تعالى:

السابقالتالي
2