الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ أَغَيْرَ ٱللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَـٰهاً وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى ٱلْعَالَمِينَ }

قوله تعالى: { أَغَيْرَ ٱللَّهِ }: الهمزةُ للإِنكار والتوبيخ. وفي نصب " غير " وجهان أحدُهما: أنه مفعولٌ به لـ " أبغيكم " على حَذْفِ اللام تقديره: أبغي لكم غيرَ الله، أي: أَطْلُبُ لكم. فلمَّا حذف الحرف وصل الفعل بنفسه، وهو غيرُ منقاس. وفي " إلهاً " على هذا وجهان أحدُهما: ـ وهو الظاهر ـ أنه تمييز لـ " غير ". والثاني: أنه حالٌ، ذكره الشيخ وفيه نظر. والثاني من وجهي " غير ": أنه منصوب على الحال من " إلهاً " ، و " إلهاً " هو المفعول به لـ " أَبْغيكم " على ما تقرَّر، والأصل: أبغي لكم إلهاً غير الله، فـ " غير الله " صفةٌ لـ " إله " فلما قُدِّمَتْ صفةُ النكرةِ عليها نُصِبت حالاً. وقال ابن عطية: " وغير منصوبة بفعل مضمر، هذا هو الظاهر، ويجوز أن يكون حالاً " ، وهذا الذي ذكره من إضمار الفعل لا حاجةَ غليه، فإن أراد أنه على الاشتغال فلا يَصِحُّ؛ لأنَّ شرطَه أن يعمل المفسِّر في ضمير الأول أو سببيِّه.

قوله: { وَهُوَ فَضَّلَكُمْ } يجوز أن يكونَ في محلِّ نصبٍ على الحال: إمَّا من " الله " وإمَّا من المخاطبين، لأن الجملةَ مشتملةٌ على كلٍ من ضميرَيْهما، ويجوز أن لا يكونَ لها محلٌّ لاستئنافها.