الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَإِن كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ ٱلْقَوْمِ ٱلْمُجْرِمِينَ }

{ فَإِن كَذَّبُوكَ } الضمير إمّا لليهود لأنهم أقرب ذكراً, ولِذِكر المشركين بعد ذلك بعنوان الإشراك؛ وإمّا للمشركين, وإما للفريقين. أي: فإن كذبتك اليهود في التخصيص وزعموا أن تحريم الله لا ينسخ, وأصرّوا على ادعاء قدم التحريم؛ في أو المشركون فيما فصل من أحكام التحليل والتحريم, أو هما فيما ادّعيا { فَقُلْ رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ } يمهلكم على التكذيب فلا تغتروا بإمهاله فإنه لا يهمل { وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ ٱلْقَوْمِ ٱلْمُجْرِمِينَ } أي: ومع رحمته فهو ذو بأس شديد. وفيه ترغيب لهم في ابتغاء رحمة الله الواسعة, وذلك في اتباع رضوانه, وترهيبٌ من المخالفة.

وليعلم أن المشركين لما لزمتهم الحجة - ببطلان ما كانوا عليه من الشرك بالله وتحريم ما لم يحرمه الله - أخبرَ تعالى عنهم بما سيقولونه من شبهة يتشبثون بها لشركهم وتحريم ما حرّموا.

وفائدة الإخبار بما سوف يقولونه, توطين النفس على الجواب, ومكافحتهم بالردّ, وإعداد الحجة قبل أوانها, فقال تعالى:

{ سَيَقُولُ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَآ أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ كَذٰلِكَ كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِم... }.