الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ ٱلطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ٱدْخُلُواْ ٱلْبَابَ سُجَّداً وَقُلْنَا لَهُمْ لاَ تَعْدُواْ فِي ٱلسَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِّيثَاقاً غَلِيظاً }

{ وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ ٱلطُّورَ } أي: الجبل ليتحملوا التكليف { بِمِيثَاقِهِمْ } أي: بسبب أخذ ميثاقهم، ليخافوا فلا ينقضوه.

قال ابن كثير: وذلك حين امتنعوا من الالتزام بأحكام التوراة، وظهر منهم إباءٌ على ما جاءهم به موسى عليه السلام، رفع الله على رؤوسهم جبلاً، ثم ألزموا فالتزموا وسجدوا، وجعلوا ينظرون إلى ما فوق رؤوسهم، خشية أن يسقط عليهم، كما قال تعالى:وَإِذ نَتَقْنَا ٱلْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُواْ مَآ ءَاتَيْنَٰكُم بِقُوَّةٍ... } [الأعراف: 171] الآية. { وَقُلْنَا لَهُمُ ٱدْخُلُواْ ٱلْبَابَ سُجَّداً } أي: ادخلوا باب إيلياء مطأطئين، عند الدخول، رؤوسكم، فخالفوا ما أمروا به، وقد تقدم في سورة البقرة إيضاح هذه الآيات مفصلاً { وَقُلْنَا لَهُمْ لاَ تَعْدُواْ فِي ٱلسَّبْتِ } أي: وصيناهم بحفظ السبت والتزام ما حرم الله عليهم ما دام مشروعاً لهم { وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِّيثَاقاً غَلِيظاً } أي: عهداً شديداً، فخالفوا وعصوا وتحيلوا على ارتكاب ما حرم الله عز وجل، كما هو مبسوط في سورة الأعراف عند قوله:وَسْئَلْهُمْ عَنِ ٱلْقَرْيَةِ ٱلَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ ٱلْبَحْرِ... } [الأعراف: 163] الآيات.

ثم بين تعالى ما أوجب لعنهم وطردهم ومسخهم من مخالفتهم بقوله:

{ فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ ٱللَّهِ وَقَتْلِهِمُ ٱلأَنْبِيَآءَ... }.