الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أُولَـٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُهْتَدُونَ }

{ أُولَـٰئِكَ } إشارة إلى الصابرين باعتبار اتصافهم بما ذكر من النعوت { عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ } قال الراغب: الصلاة، وإن كانت في الأصل الدعاء، فهي من الله البركة على وجه، والمغفرة على وجهٍ. وقال الرازي: الصلاة من الله هي الثناء والمدح والتعظيم. قال الراغب: وإنما قال: { صَلَوَاتٌ } على الجمع، تنبيهاً على كثرتها منه وأنها حاصلة في الدنيا توفيقاً وإرشاداً، وفي الآخرة ثواباً ومغفرة { وَرَحْمَةٌ } عظيمة في الدنيا عوض مصيبتهم { وَأُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُهْتَدُونَ } أي: إلى الوفاء بحق الربوبية والعبودية، فلا بد أن يوفي الله عليهم صلواته ورحمته.

تنبيه

ورد في ثواب الاسترجاع وهو قول: إنا لله وإنا إليه راجعون، عند المصائب، وفي أجر الصابرين، أحاديث كثيرة. منها ما في صحيح مسلم عن أم سلمة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها، إلا أجَرَه الله في مصيبته وأخلف له خيراً منها " قالت: فلما توفى أبو سلمة قلت: من خيرٌ من أبي سلمة: صاحب رسول الله؟ ثم عزم الله لي فقلتها. قالت: فتزوجت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وروى الإمام أحمد عن الحسين بن عليّ عليهما السلام عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: " ما من مسلم ولا مسلمة يصاب بمصيبة فيذكرها، وإن طال عهدها، فيحدث لذلك استرجاعاً، إلا جدد الله له عند ذلك، فأعطاه مثل أجرها يوم أصيب بها ".

وروى الإمام أحمد بسنده عن أبي سنان قال: دفنت ابناً لي، وإني لفي القبر إذ أخذ بيدي أبو طلحة (يعني الخولانيّ) فأخرجني وقال: ألا أبشرك؟ قال قلت: بلى. قال: حدثني الضحاك بن عبد الرحمن بن عرزب عن أبي موسى الأشعريّ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قال الله تعالى: يا ملك الموت، قبضت ولد عبدي، قبضت قرة عينه وثمرة فؤاده؟ قال: نعم. قال: فما قال؟ قال: حمدك واسترجع، قال: ابنوا له بيتاً في الجنة وسموه بيت الحمد " ورواه الترمذيّ وقال: حسن غريب.

وروى البخاريّ عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من يرد الله به خيراً يصب منه ".

وروى الشيخان عن أبي سعيد وأبي هريرة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: " ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه ".

ورويا أيضاً عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه إلا حطّ الله به عنه من سيئاته كما تحط الشجرة ورقها ".


السابقالتالي
2 3 4